للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب الكشاف: إن من أسرار البلاغة ولطائفها أن يسكتوا عن ذكر الشىء المستعار ثم يرمزوا إليه بذكر شىء من روادفه فينبهوا بذلك الرمز على مكانه نحو شجاع يفترس أقرانه ففيه تنبيه على أن الشجاع أسد هذا كلامه وهو صريح فى أن المستعار هو اسم المشبه به المتروك صريحا المرموز إليه بذكر لوازمه ...

===

(قوله: قال صاحب الكشاف) هذا سند لما نقله عن السلف، وحينئذ فالمراد بهم صاحب الكشاف ومن قبله ومن معه

(قوله: إن من أسرار البلاغة إلخ) أى: إذا كان المقام مقتضيا للاستعارة دون الحقيقة بأن كان المقام مقام تأكيد أو مبالغة فى مدح أو ذم أو كان المقام مقام خطاب الذكى دون الغبى، فإن من لطائف تلك البلاغة التى هى الإتيان بالاستعارة المناسبة لذلك المقام أن يسكتوا عن ذكر الشىء المستعار إلخ، وإنما كان ذلك من أسرار البلاغة؛ لأن التوصل إلى المجاز بالكناية أعذب وأقوى من ذكر نفس المجاز كما لا يخفى

(قوله: عن ذكر الشىء) أى: اللفظ

(قوله: ثم يرمزوا إلخ) أى:

يشيروا وبابه ضرب ونصر

(قوله: من روادفه) أى: لوازمه أى: لوازم معناه

(قوله: على مكانه) الضمير للمستعار والمكان هنا مصدر لكان التامة أى: على كينونته ووجوده أى: ملاحظته فى الذهن

(قوله: نحو شجاع يفترس أقرانه) أى: فقد شبه الشجاع بالأسد تشبيها مضمرا فى النفس وادعى أنه فرد من أفراده واستعير له اسمه على طريق الاستعارة بالكناية وإثبات الافتراس تخييل، وهو عند صاحب الكشاف مستعار لإهلاك الأقران فهو استعارة تحقيقية قرينة للمكنية

(قوله: ففيه تنبيه) أى: ففى هذا الكلام تنبيه على أن الشجاع ثبتت له الأسدية وأنه فرد من أفراده وقد رمز لذلك بشىء من روادفه وهو الافتراس، إن قلت: المكنى عنه على هذا هو ثبوت معنى الأسد لا لفظه فلم يكن عنه حتى يسمى استعارة بالكناية. قلت: الكناية بالأظفار مثلا عن ثبوت معنى الأسدية للمنية مثلا مسببة عن تبعية إطلاق لفظ السبع على المنية؛ فبهذا الاعتبار كانت الأظفار كناية عن اللفظ أيضا لإشعارها به

(قوله: وهو صريح فى أن المستعار هو اسم المشبه به المتروك) أى: فصريح كلامه موافق للمأخوذ من كلام السلف فى معنى الاستعارة بالكناية، إلا أنه يخالفهم فى قرينتها؛ وذلك لأنها عند السلف يجب أن تكون تحييلية، وأما

<<  <  ج: ص:  >  >>