يرتكبه زمن المحبة من الجهل والغىّ، وأعرض عن معاودته فبطلت آلاته) الضمير فى معاودته وآلاته لما كان يرتكبه.
===
(قوله: يرتكبه) أى يفعله
(قوله: زمن المحبة) أى فى زمن المحبة، فهو منصوب على الظرفية، واعترضه العصام بأنه لا دلالة فى الكلام على ترك ما كان يرتكبه زمن المحبة فهو منصوب على الظرفية واعترضه العصام بأنه لا دلالة فى الكلام على ترك ما كان يرتكبه زمن المحبة مطلقا على ما يقتضيه السوق، وإنما يدل على تركه ما كان يرتكبه فى حب سلمى، وإلا أن يراد بسلمى جنس المحبوب، كما قد يراد بحاتم السخى، أو يجعل أل فى المحبة للعهد أى محبة سلمى، تأمل (قوله من الجهل والغىّ) بيان لما، والمراد بالجهل والغى الأفعال التى يعدّ مرتكبها جاهلا بما ينبغى له فى دنياه أو فى آخرته، ويعدّ بسببها من أهل الغىّ أى عدم الرشد لارتكابه ما يعود عليه بالضرر من المعصية وما ينكره العقلاء
(قوله: وأعرض عن معاودته) عطف على ترك، أى أنه ترك ما كان مرتكبا له زمن المحبة من الجهل والغى، وأنه أعرض عن معاودته بالعزم على ترك الرجوع إليه، وهذا مستفاد من قوله: وأقصر باطله؛ لأن معناه كما مر امتنع باطله عنه وتركه بحاله، ولو كان القلب قاصدا للمعاودة لما تركه لم يكن مهملا لآلاته بالكلية، فلم يكن باطله تاركا له على حاله الأصلى
(قوله: فبطلت آلاته) أى فلما أعرض عما كان مرتكبا له زمن المحبة من الجهل والغى بطلت آلاته التى توصل إليه، من حيث إنها توصل إليه من الحيل والمال والإخوان والأعوان، والمراد ببطلانها تعطلها، فهو من بطل الأجير بطالة أى تعطل، لا من بطل الشىء بطلانا بمعنى ذهب؛ لأن المترتب على الإعراض عن الشىء إنما هو تعطيل آلاته لا ذهابها، وليس قوله:
فبطلت آلاته تفسيرا لقوله:" وعرّى أفراس الصّبا ورواحله" كما فهم بعضهم، والإلزام كون الأفراس والرواحل أو تعريتها استعارة تحقيقية، كما يأتى فى الوجه الثانى باحتماليه المقتضى لخروج الكلام عن وجود الاستعارة المكنى عنها فيه، بل لما كان ترك معاودة الشىء وهجرانه مستلزما لبطلان ما يوصل إليه من حيث إنه يوصل إليه، رتب قوله:
فبطلت آلاته على ذلك الترك، وأما الأفراس والرواحل وتعريتها أو التعرى عنها فعلى حقيقتها؛ لأنها تخييل والتخييل عند المصنف على حقيقته كما تقدم.