للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: ذكر ضعف التأليف يغنى عن ذكر التعقيد اللفظى، وفيه نظر؛ لجواز أن يحصل التعقيد باجتماع عدة أمور موجبة لصعوبة فهم المراد، وإن كان كل منها جاريا على قانون النحو؛ وبهذا يظهر فساد ما قيل: من أنه لا حاجة فى بيان التعقيد فى البيت إلى ذكر تقديم المستثنى على المستثنى منه، بل لا وجه له؛ ...

===

(قوله: يغنى عن ذكر التعقيد اللفظي) أى: لأن التعقيد اللفظى لا يكون ناشئا إلا عن ضعف التأليف، فالخلوص عن الضعف يوجب الخلوص منه.

(قوله: وفيه نظر) أى:

فى هذا القيل نظر، وحاصله منع أن التعقيد اللفظى لا يكون إلا عن ضعف التأليف، بل يجوز أن يكون من غيره مع انتفاء ضعف التأليف، ثم اعلم أن مراد الشارح الإشارة إلى رد قول آخر غير ما ذكره الخلخالى وهو إغناء ضعف التأليف عن التعقيد، وإن لم يكن ذلك القول مشهورا بين أرباب الفن؛ لأن الشارح مطلع، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وليس مراد الشارح الرد على الخلخالي؛ وذلك لأنه قال: إن ذكر أحد الأمرين من الضعف والتعقيد اللفظى يغنى عن الآخر، أما إغناء الضعف فلما سبق، وأما إغناء التعقيد؛ فلأنه لازم للضعف؛ لأن التأليف إذا لم يوافق القانون أوجب صعوبة فى الفهم لا محالة، والخلوص عن اللازم يوجب الخلوص عن الملزوم، فلو كان مراد الشارح بما ذكره دفع اعتراض الخلخالى المذكور والرد عليه، لم يحسن منه الاقتصار على بعض السؤال ولا يحسن ما ذكره فى الجواب؛ لأن ما ذكره فيه لا يدفع السؤال بتمامه، وإنما يدفع إغناء ذكر الضعف عن ذكر التعقيد ولا يدفع العكس، ودفعه أن يقال: لا نسلم أن كل ضعف يوجب تعقيدا؛ فإن مثل جاءنى أحمد بالتنوين مشتمل على الضعف دون التعقيد.

(قوله: لجواز أن يحصل التعقيد باجتماع عدة أمور موجبة لصعوبة فهم المراد، وإن كان كل منها جاريا على قانون النحو) وذلك كتقديم المفعول والمستثنى وتأخير المبتدأ، وذلك نحو: إلا عمرا الناس ضارب زيد، فهذا ليس فيه ضعف تأليف وإنما فيه تعقيد، وينفرد الضعف في:

جاء أحمد بالتنوين، فإنه لا تعقيد فيه، وتأليفه ضعيف، ويجتمع الضعف والتعقيد فى بيت الفرزدق المذكور، وإذا علمت أن بينهما باعتبار التحقق عموما وخصوصا وجيها، تعلم أن قول القائل: إن ضعف التأليف يغنى عن التعقيد؛ لأن التعقيد لازم للضعف لا يتم.

(قوله: وبهذا إلخ) أى: بما ذكر من

(قوله: لجواز أن يحصل إلخ) مع

(قوله: وإن كان كل منها إلخ)،

<<  <  ج: ص:  >  >>