على أن لفظ المفتاح صريح فى أن المجاز الذى جعله منقسما إلى أقسام ...
===
فى تقسيم المجاز المفرد إلى الاستعارة وغيرها، فإن المجاز والاستعارة يجتمعان فى نحو الأسد يطلق على الرجل الشجاع بواسطة المبالغة فى التشبيه، وينفرد المجاز المفرد فى نحو العين تطلق على الربيئة مجازا مرسلا، وتنفرد الاستعارة عن المفرد فى نحو أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى، وكما فى تقسيم الأبيض إلى حيوان وغيره فإن الحيوان الذى- قسمت إليه الأبيض- بينه وبين الأبيض عموم وخصوص، من وجه يجتمعان فى الحيوان الأبيض، وينفرد الأبيض فى الجص وينفرد الحيوان فى الزنجى، وإذا صح كون الاستعارة ليست أخص من المفرد، بل بينها وبينه عموم وخصوص من وجه، صح تقسيمها للتمثيل وغيره، فيلزم التركيب فى التمثيل ويلزم الإفراد فى غيره، فيكون صدق المجاز المفرد عليها إنما هو فى الفرد الذى تجتمع معه فيه، لا فيما تنفرد عنه، وإنما قلنا: بل يصح تقسيم الشىء إلى ما هو فى نفسه، أى من حيث ذاته، ليس أخص من المقسم إشارة إلى أنه من حيث إنه قسم لا بد أن يكون أخص؛ لأن الحيوان من حيث إنه قسم إنما يصدق على الحيوان الأبيض، لكن الذى يخبر به عنه يجوز ألّا يكون مفهومه أخص كما فى المثال، وبهذا اندفع ما يقال: محصل هذا الجواب الذى أشار له الشارح بقوله: وقسمة إلخ أن قسم الشىء قد يكون أعم منه وهذا خال عن التحقيق، إذ العقلاء مطبقون على أن قسم الشىء لا بد أن يكون أخص منه، والحاصل أنه ليس غرضه بقوله: كقولنا إلخ الاستدلال بأن قسم الشىء قد يكون أعم منه، بل غرضه أن تقسيم المجاز المفرد للاستعارة وغيرها لا يقتضى حصر الاستعارة فى المجاز المفرد، كما أن تقسيم الأبيض إلى الحيوان وغيره لا يقتضى انحصار الحيوان فى الأبيض فتأمل.
(قوله: على أن إلخ) هذا جواب ثان يمنع كون المقسم الذى قسمه السكاكى للاستعارة وغيرها المجاز المفرد، وحاصله لا نسلم أن المقسم فى كلامه المجاز المفرد حتى يقال: كيف يجعل التمثيل الذى هو مركب من أقسام المفرد، بل المقسم فى كلامه مطلق المجاز، فقسمه إلى الاستعارة وغيرها، ثم قسم الاستعارة إلى التمثيلية وغيرها، وحينئذ فالمقسم صادق بالمركب الذى هو بعض الاستعارة، فلا يلزم اجتماع الإفراد من حيث إن