على أن هذا لا يجرى فى جميع الأمثلة؛ ولو سلم؛ فحينئذ يعود الاعتراض الأول؛ وهو وجود المكنى عنها بدون التخييلية.
ويمكن الجواب: بأن المراد بعدم انفكاك الاستعارة بالكناية عن التخييلية أن التخييلية لا توجد بدونها ...
===
هذا الكلام كون نطقت استعارة من النطق الحقيقى للأمر الوهمى، لا أنه مجاز مرسل ولو كان مجازا مرسلا عن الدلالة كما هو مقتضى ذلك الجواب لكان مطلقا على أمر محقق عقلى لا على أمر وهمى كما صرح به، وبالجملة فالتزام السكاكى أن قرينة المكنية إذا لم تكن حقيقة تكون مجازا مرسلا لا يصح لمنافاة ذلك لما صرح به
(قوله: على أن هذا) أى: كون قرينة المكنية إذا لم تكن حقيقة تكون مجازا مرسلا لا يجرى فى جميع الأمثلة؛ لأن بعضها لا يوجد فيه علاقة أخرى غير المشابهة
(قوله: ولو سلم) أى: جريانه فى جميع الأمثلة يعود إلخ، وحاصله أنه لو سلم أن قرينة المكنية إذا لم تكن حقيقة تكون مجازا مرسلا فى جميع الأمثلة، وألغى النظر عما اقتضاه قوله: إن نطقت نقل للصورة الوهمية يلزم عليه حينئذ أن المكنية خلت عن التخييلية؛ لأن التخييلية عنده ليست إلا تشبيه الصورة الوهمية بالحسية، فإذا كان ما ذكر من القرينة مجازا مرسلا فلا تخييل، إذ لا صورة وهمية شبهت بالمعنى الأصلى، وإذا انتفى التخييل بقيت المكنى عنها بدون التخييلية، والمصنف قد رد هذا حيث قال سابقا وهو باطل باتفاق، واعلم أن الشارح قد جارى المصنف فى ذلك وإن كان قد ناقشه فى ذلك سابقا.
(قوله: ويمكن الجواب) أى: عن قوله ولو سلم يعود الاعتراض الأول لا عن أصل الاعتراض؛ لأنه قد صرح بأن نطقت مستعمل فى أمر وهمى فقد اضطر آخر الأمر إلى القول بالاستعارة التبعية، وحاصله أنا لا نسلم أن وجود المكنية بدون التخييلية ممنوع عند السكاكى، بل هو قائل بذلك وعبر بيمكن إشارة إلى أن هذا الجواب من عنده
(قوله: بأن المراد) أى: مراد السكاكى بقوله لا تنفك المكنى عنها عن التخييلية، وهذا توطئة للجواب ومحط الجواب قوله: وأما وجود إلخ
(قوله: أن التخييلية لا توجد بدونها) أى: فتكون التخييلية هى التى حكم عليها بأنها لا توجد بدون المكنى عنها، وأنت