أى: ولأن شرط حسنه ألّا يشم رائحة التشبيه لفظا (يوصى أن يكون الشبه) أى: ما به المشابهة (بين الطرفين جليا) بنفسه ...
===
المشبه فى جنس المشبه به وادعاء أنهما مشتركان فى الحقيقة الجامعة لهما، وأن اللفظ موضوع لتلك الحقيقة، إلا أن أحد الفردين متعارف والآخر غير متعارف، ومقتضى هذا الغرض استواؤهما فى ذلك الجامع الذى جعل كالحقيقة الجامعة؛ لأن استواء الأفراد فى الحقيقة هو الأصل، ولا شك أن إشمام رائحة التشبيه فيه إشعار ما بأصل التشبيه، والإشعار بأصله يتضمن الإيماء إلى ما علم من الأصل فى التشبيه والكثير فيه وهو كون المشبه به أقوى من المشبه فى الجامع وكونه أقوى منه ينافى الاستواء فيه الذى هو مقتضى الغرض، فقوله: لما فى التشبيه أى: الذى أشم رائحته من الدلالة على أن المشبه به أقوى من المشبه فى وجه الشبه أى: والغرض من الاستعارة يقتضى مساواتهما فيه، وبقولنا: لأن استواء الأفراد فى الحقيقة هو الأصل يندفع قول سم: لا نسلم أن الغرض المذكور يقتضى مساواة المشبه، والمشبه به فى الجامع الذى هو جعل كالحقيقة الجامعة بدليل المشكك، فإن بعض أفراده أقوى من البعض مع شمول الجنس لجميعها، وحينئذ فلا منافاة بين التفاوت فى القوة وبين الاشتراك فى الجنس فتأمل.
(قوله: أى ولأن شرط حسنه) أى: ولأجل ما قلنا من أن من شروط الحسن فى كل من الاستعارتين ألّا يشم رائحة التشبيه لفظا فضمير حسنه راجع لكل من الاستعارتين.
(قوله: يوصى) بالبناء للمفعول أى: يوصى البلغاء بعضهم بعضا عند تحقق حسن الاستعارة لوجود هذا الشرط وهو عدم إشمام رائحة التشبيه لفظا
(قوله: أى ما به المشابهة) أى: وهو وجه الشبه فكأنه قال: ولذلك يوصى البلغاء بعضهم بعضا على جلاء وجه الشبه، وإنما رتب التوصى المذكور على ذلك الشرط وهو عدم إشمام رائحة التشبيه لفظا لا باشتراط رعاية جهات حسن التشبيه؛ لأن التوصى إنما يحتاج إليه؛ لأنه هو الذى له دخل فى الخفاء وصيرورة الاستعارة لغزا بخلاف رعاية جهات حسن التشبيه، فإنه لا دخل له فى ذلك كما يعلم مما يأتى