لأن الله تعالى موجود، لزم نفى مثله ضرورة أنه لو كان له مثل لكان هو- أعنى الله تعالى- مثل مثله فلم يصح نفى مثله؛ كما تقول: ليس لأخى زيد أخ، أى ليس لزيد أخ نفيا للملزوم بنفى لازمه، والله أعلم.
===
وهو باطل، فالله تبارك وتعالى متحقق موجود فلو كان له مثل كان الله مثلا لذلك المثل المفروض، فإذا نفى مثل ذلك المثل الذى هو لازم كان مقتضيا لنفى الملزوم وهو وجود المثل، فصح النفى لمثل المثل، والحاصل أنه لو لم ينتف المثل عند نفى مثل المثل لم يصح نفى مثل المثل؛ لأن الله موجود فلو كان له مثل كان الله تعالى مثلا لذلك المثل فيكون مثل المثل موجودا فلا يصح نفيه حينئذ، لكن النفى لصحيح لوقوعه فى كلام المولى، فتعين أن يكون المراد من نفى مثل المثل نفى المثل ليصح النفى، فقد ظهر أن نفى مثل المثل توصل به إلى نفى المثل وهو معنى الكناية؛ لأنه أطلق نفى اللازم وأريد نفى الملزوم
(قوله: لأن الله تعالى موجود) أى ولا يمكن نفى الموجود
(قوله: فإذا نفى مثل مثله) أى:
الذى هو اللازم
(قوله: لزم نفى مثله) أى: الذى هو ملزوم
(قوله: فلم يصح نفى مثل مثله) أى: على تقدير وجود المثل، لكن النفى لمثل المثل صحيح لوقوعه فى كلام الصادق فليكن المثل منفيا وهو المطلوب
(قوله: كما تقول) أى: فى شأن زيد الذى لا أخ له قصدا لإفادة نفى أخ له وتوضيح ما ذكره من الكناية أنه إذا فرض أن لزيد الموجود أخا، لزم أن يكون زيد أخا لذلك الأخ المفروض وجوده، فلما استلزم وجود الأخ وجود الأخ لذلك الأخ وهو زيد، لم يصح نفى الأخ عن ذلك الأخ المفروض، وإلا لزم وجود الملزوم وهو الأخ المفروض بدون لازمه وهو ثبوت أخ له، فظهر أن قولنا: ليس لأخى زيد أخ نفى للملزوم وهو أخو زيد بنفى لازمه وهو أخو أخيه؛ لأن نفى الملزوم لازم لنفى لازمه فقد أريد باللفظ لازم معناه فصدق حد الكناية. واعلم أن فى تقرير الكناية فى الآية الشريفة طريقين:
إحداهما: ما ذكره الشارح وحاصله: أنه أطلق نفى مثل المثل وأريد منه نفى المثل ضرورة أن الله تعالى موجود، فلو كان له مثل لزم أن يكون تعالى مثلا لذلك المثل، فإذا انتفى أن يكون لمثله مثل لزم انتفاء المثل، وإلا لم يصح النفى.