للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حيث لم يصرح بثبوت المجد له، بل كنى عن ذلك بكونهما بين برديه، وبين ثوبيه.

فإن قلت: هاهنا قسم رابع؛ وهو أن يكون المطلوب بها صفة ونسبة معا؛ كقولنا:

كثر الرماد فى ساحة زيد؛ قلت: ليس هذا كناية واحدة، بل كنايتان؛ إحداهما:

المطلوب بها نفس الصفة؛ ...

===

المجد الشرف والكرم صفة ينشأ عنها بذل المال عن طيب نفس، والثوبان والبردان متقاربان، وثناهما بالنظر إلى أن الغالب فى الملبوس تعدده وهما على تقدير المضاف أى:

بين أجزاء برديه وثوبيه، وإنما قدرنا ذلك لأن الشخص الممدوح حل فى بينية أجزاء البردين والثوبين؛ لأن كلا منهما محيط بكله أو بعضه على وجه الاشتمال

(قوله: حيث لم يصرح) أى: وإنما كان هذا المثال نحو ما تقدم من البيت فى كون الكناية لنسبة الصفة للموصوف؛ لأنه لم يصرح بثبوت المجد والكرم للممدوح بحيث يقال: ثبت الكرم والمجد له أو هما مختصان به، بل كنى إلخ، فالحيثية فى كلامه للتعليل

(قوله: بل كنى عن ذلك) أى: عن ثبوتهما له بكونهما بين برديه وثوبيه أى: لأن من المعلوم أن حصول الكرم والمجد فيما بين الثوبين لا يخلو عن موصوف بهما هنالك وليس إلا صاحب الثوبين؛ لأن الكلام فى الثوبين الملبوسين فأفاد الثبوت للموصوف بطريق الكناية والكرم والمجد مذكوران فلا يطلبان، وإنما طلب ثبوتهما لموصوفهما فكانت الكناية هنا مما طلب بها النسبة

(قوله: فإن قلت إلخ) هذا وارد على قول المصنف سابقا وهى ثلاثة أقسام

و(قوله: هاهنا) أى: فى الكناية

(قوله: كثر الرماد فى ساحة زيد) الساحة هى الفسحة التى بين بيوت الدار وقدام بابها والمثال المذكور كناية عن المضيافية وإثباتها لزيد، أما الإثبات، فلأنا لم نثبت كثرة الرماد لزيد ولا لما أضيف لضميره كما فى طويل نجاده حتى تكون النسبة معلومة، وإنما أثبتناها فى ساحته لينتقل من ذلك إلى ثبوتها له، وأما المضيافية فلأنا لم نصرح بها حتى يكون المطلوب نفس النسبة، بل كنينا عنها بكثرة الرماد

(قوله: قلت ليس هذا كناية واحدة، بل كنايتان إلخ) حاصله أنا لا نسلم أن هذا المثال كناية طلب بها الصفة والنسبة معا بل كنايتان إحداهما طلب بها النسبة وهى إثبات الكثرة فى الساحة والأخرى طلب بها نفس المضيافية وهى التصريح بكثرة الرماد لينتقل بها إلى المضيافية لاستلزامها إياها، ولك أن تسمى مجموع الكنايتين

<<  <  ج: ص:  >  >>