للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما يناسب ابتداءه فى المعنى نحو: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١)) فإن اللَّطِيفُ يناسب كونه غير مدرك بالأبصار، ...

===

فقد ناسب فيه بين الصحة والقوة والسماع والخبر المأثور والأحاديث والرواية، وكذا ناسب بين السيل والحيا أى: المطر والبحر وكف تميم مع ما فى البيت الثانى من صحة الترتيب فى العنعنة، إذ جعل الرواية لصاغر عن كابر كما يقع فى سند الأحاديث، فإن السيول أصلها المطر والمطر أصله البحر على ما يقال، والبحر أصله كف الممدوح على ما ادعاه الشاعر- ا. هـ أطول.

(قوله: بما يناسب ابتداءه فى المعنى) أى: لكون ما ختم به الكلام كالعلة لما بدئ به أو العكس أو كالدليل عليه أو نحو ذلك وإنما كان تشابه الأطراف نوعا خاصّا من مراعاة النظير؛ لأنها الجمع بين متناسبين مطلقا، سواء كان أحدهما فى الختم والآخر فى الابتداء كما فى تشابه الأطراف أو كانا معا فى الابتداء كما تقدم فى المثال، أو فى الاختتام، أو فى التوسط، بخلاف تشابه الأطراف، فإنه قاصر على الجمع بين متناسبين أحدهما فى الابتداء والآخر فى الانتهاء. قال الفنرى: ولو قال بدل قوله: بما يناسب ابتداءه بما يناسب ما قبله كان أولى؛ لأن قوله: لا تدركه الأبصار الذى يناسبه اللطيف، وإن كان ابتداء الكلام لكونه رأس الآية، لكن قوله: وهو يدرك الأبصار الذى يناسبه الخبير ليس ابتداء الكلام- انتهى.

وأجاب بعضهم بأن المراد بالكلام هنا ما يقصد من التراكيب المفيدة سواء كان جملة واحدة أو أكثر، والمراد بأوله ما ليس بآخر، وحينئذ فيصدق على قوله تعالى: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ أنه كلام وعلى قوله: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ أنه أول وعلى قوله: وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ أنه آخر- تأمل.

(قوله: فإن اللطيف يناسب كونه غير مدرك بالأبصار) أى: باعتبار المتبادر منه وهو الدقة لأخذه من لطف ككرم إذا دق ورق، ومعلوم أن الشىء كلما لطف ودق


(١) الأنعام: ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>