للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(من غير تعيين ثقة) أى: الذكر بدون التعيين لأجل الوثوق (بأن السامع يرده إليه) أى: يرد ما لكل من آحاد هذا المتعدد إلى ما هو له لعلمه بذلك بالقرائن اللفظية، أو المعنوية. (فالأول: ) وهو أن يكون ذكر المتعدد على التفصيل (ضربان؛ لأن النشر إما على ترتيب اللف) بأن يكون الأول من المتعدد فى النشر للأول من المتعدد فى اللف، والثانى للثانى، وهكذا إلى الآخر (نحو: وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ (١)) ذكر الليل والنهار على التفصيل، ثم ذكر ما لليل؛ وهو السكون فيه، وما للنهار؛ وهو الابتغاء من فضل الله فيه، على الترتيب ...

===

واعلم أن ذلك المعنى المتعدد أولا على وجه الإجمال أو التفصيل هو اللف، وذكر ما لكل واحد من آحاد ذلك المتعدد ثانيا هو النشر، وكأن وجه تسمية الأول لفّا أنه انطوى فيه حكمه؛ لأنه اشتمل عليه من غير تصريح به، ثم لما صرح به فى الثانى فكأنه نشر ما كان مطويا فلذا سمى نشرا

(قوله: من غير تعيين) أى: من غير أن يعين المتكلم لشىء مما ذكر أولا ما هو له مما ذكر ثانيا، وإنما قيد بذلك لأنه لو عين لم يكن من باب اللف والنشر، بل من باب التقسيم.

(قوله: ثقة) أى: ويكون ترك التعيين لأجل الثقة أى الوثوق

(قوله: لعلمه بذلك بالقرائن اللفظية) كأن يقال: رأيت الشخصين ضاحكا وعابسة، فتأنيث عابسة يدل على أن الشخص العابس المرأة والضاحك هو الرجل

(قوله: أو المعنوية) كأن يقال:

لقيت الصاحب والعدو فأكرمت وأهنت، فمعلوم أن القرينة هنا معنوية وهى أن المستحق للإكرام الصاحب وللإهانة العدو.

(قوله: لأن النشر) أى: وهو ذكر ما لكل واحد مما فى اللف

(قوله: وهو السكون فيه) أى: الهدوء بالنوم وعدم التصرف

(قوله: وهو الابتغاء من فضل الله) أى: طلب الرزق بالحركة والتصرف فى الأمور، ومناسبة السكون لليل وابتغاء الفضل للنهار ظاهرة، فقد صدق على هذه الآية أنه ذكر فيها متعدد على وجه التفضيل ثم ذكر


(١) القصص: ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>