ومعنى الاستثناء فى الأول: أن بعض الأشقياء لا يخلدون فى النار؛ كالعصاة من المؤمنين الذين شقوا بالعصيان، وفى الثانى: أن بعض السعداء لا يخلدون فى الجنة، بل يفارقونها ابتداء؛ يعنى: أيام عذابهم؛ كالفساق من المؤمنين الذين سعدوا بالإيمان. والتأبيد من مبدأ معين كما ينتقض باعتبار الانتهاء؛ فكذلك ينتقض باعتبار الابتداء، ...
===
(قوله: ومعنى الاستثناء إلخ) جواب عما يقال ما معنى الاستثناء فى قوله إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ مع أن أهل الجنة لا يخرجون منها أصلا وكذا أهل النار لا يخرجون منها والاستثناء يفيد خروجهم؛ لأن معنى الآية أن كل أهل النار خالدون فيها فى كل وقت إلا الوقت الذى شاء الله عدم الخلود فيه، وكذا يقال فى أهل الجنة، ولا شك أن هذا يفيد أن هناك وقتا لا يخلد أحد فيه فيكون أهل كل دار خارجين منها فى ذلك الوقت.
وحاصل الجواب أنه استثنى الفساق من المخلدين فى النار باعتبار الانتهاء، ومن المخلدين فى الجنة باعتبار الابتداء؛ لأنهم لم يدخلوها مع السابقين فالخلود فى حقهم ناقص باعتبار المبدأ، فظهر أن ماصدق الاستثناء فى الاستثناءين واحد.
(قوله: أن بعض الأشقياء لا يخلدون) كالعصاة من المؤمنين الذين شقوا بالعصيان، أى: وهذا كاف فى صحة الاستثناء لأن صرف الحكم عن الكل فى وقت ما يكفى فيه صرفه عن البعض، فصرف الخلود فى النار عن كل واحد من أهلها يكفى فيه صرفه عن البعض وهم فساق المؤمنين الذين لا يخلدون فيها
(قوله: والتأبيد إلخ) أى: والإقامة فى المكان أبدا. (وقوله: من مبدأ معين) أى: كالإذن لأهله فى الدخول فيه. وقوله:(كما ينتقض باعتبار الانتهاء) أى:
كما فى الاستثناء الأول وقوله (فكذلك باعتبار) أى: فكذلك ينتقض باعتبار الابتداء أى كما فى الاستثناء الثانى وذلك لعدم حصول التأبيد من ذلك الوقت المعين، ثم إن كلام الشارح هذا يقتضى أن الاستثناء الثانى من الخلود كالأول وأن المعنى: فأما الذين سعدوا ففى الجنة خالدين فيها فى جميع الأوقات إلا الوقت الذى شاء ربك عدم خلودهم فيه، لمنعه بعض الناس من دخولها حين الإذن لأهلها بالدخول، والحاصل أن الاستثناء فى الموضعين من الخلود باعتبار ما تضمنه من الأوقات؛ لأنه يتضمن أوقاتا لا