كقوله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً (١) فإن الانسان إما أن لا يكون له ولد، أو يكون له ولد؛ ذكر، أو أنثى، أو ذكر وأنثى. وقد استوفى فى الآية جميع الأقسام.
===
الفرسان الذين لا يخفون عليكم، ثم بعد ذلك أعطى كلا من الجنسين حقه من التقديم والتأخير فقدم الذكور وأخر الإناث إشارة إلى أن تقديم الإناث لم يكن لاستحقاقهن التقديم بل لمقتضى آخر وهو الإشارة إلى أن الله يفعل ما يشاء لا ما يشاؤه العبد.
(قوله: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ) من المزاوجة وهى الجمع أى: أو يجمع لهم من الذكران والإناث
(قوله: وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) أى: لا يولد له أصلا إنه عليم بالحكمة فى ذلك قدير على ما يريد لا يتعاصى عليه شىء مما أراده
(قوله: فإن الإنسان إلخ) حاصله أن الآية قد تضمنت أن الإنسان الذى شأنه الولادة ينقسم إلى الذى لا يولد له أصلا، وإلى الذى يولد له جنس الذكور فقط، وإلى الذى يولد له جنس الإناث فقط، وإلى الذى يولد له جنس الذكور والإناث معا، فكأنه قيل الإنسان إما أن يكون له ولد أصلا وإما أن يكون له جنس الذكور فقط، وإما أن يكون له جنس الإناث فقط، وإما أن يكون له الجنسان معا. فهذا تقسيم مستوف لأقسام الإنسان باعتبار الولادة وعدمها واعلم أن السر فى الإتيان بأو المقتضية للمباينة فى قوله تعالى أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً دون الواو المقتضية للجمع- كما ذكر فيما قبل هذا القسم وبعده- هو أنه لما عبر بالضمير فى يزوجهم الراجع للطائفتين المذكورتين أو إحداهما ولم يقل ويهب لمن يشاء أتى بأو للإشارة للمباينة وأن هذا غير ما ذكر أولا، إذ المذكور أولا هو الذكور فقط والإناث فقط، بخلاف ما لو عبر بالواو فإنه يفيد أن الذى اختص بالذكور أو اختص بالإناث يجمع له بين الذكور والإناث، وليس بصحيح؛ لأن المراد كما مر ذكر كل قسم على حدته، وأما الأقسام الأخرى فلما قال فيها يهب لمن يشاء ويجعل من يشاء فعبر بالظاهر عن الموهوب له والمجعول له، فهم أنها أقسام مستقلة مختلفة فى نفس الأمر؛ لأن اللفظ الظاهر إذا كرر أفاد المغايرة بخلاف الضمير، ولما كانت مختلفة عطفت بالواو تنبيها على