للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى حيث يصح أن ينتزع منه موصوف آخر بتلك الصفة (وهو) أى التجريد (أقسام منها) ما يكون بمن التجريدية (نحو قولهم: لى من فلان صديق حميم)

===

الصفة فى ذلك المنتزع منه، وإنما قلنا لادعاء الكمال أن للإشارة إلى إظهار المبالغة بالانتزاع لا يشترط فيه كون الصفة كاملة فى ذلك الأمر بحسب نفس الأمر، بل ادعاء كمالها فيه كاف سواء طابق الواقع أم لا، ووجه دلالة الانتزاع على المبالغة المبنية على ادعاء الكمال ما تقرر فى العقول من أن الأصل والمنشأ لما هو مثله يكون فى غاية القوة حتى صار يفيض بمثالاته، فإذا أخذ موصوف بصفة من موصوف آخر بما فهم أنك بالغت فى وصفه حتى صيرته فى منزلة، هى أن من كانت فيه تلك الصفة صار متصفا بتفريع أمثاله عنه، فهى فيه كأنها تفيض بمثالاتها لقوتها كما تفيض الأشعة عن شعاع الشمس وكما يفيض الماء عن ماء البحر، وإلى هذا يشير قول الشارح حتى كأنه أى:

الأمر المنتزع منه بلغ إلخ

(قوله: إلى حيث) أى: إلى مرتبة يصح إلخ

(قوله: وهو أقسام) أى: سبعة لأن الانتزاع إما أن يكون بحرف أو بدونه والحرف إما من أو الباء أو فى والباء إما داخلة على المنتزع منه أو على المنتزع وما يكون بدون حرف إما أن يكون لا على وجه الكناية أو يكون على وجهها ثم هو إما انتزاع من غير المتكلم أو انتزاع من المتكلم نفسه، فهذه أقسام سبعة أشار المصنف إليها ولأمثلتها فيما يأتى.

(قوله: بمن التجريدية) جعل بعضهم التجريد معنى برأسه لكلمة من والأصح أنها ابتدائية كما أن باء التجريد باء المصاحبة- قاله عبد الحكيم، وتدخل من على المنتزع منه ولم يوجد دخولها على المنتزع بخلاف الباء- كذا فى الأطول. قال العلامة اليعقوبى: والمناسب لمن حيث دخلت على المنتزع منه أن تكون للابتداء لأن المنتزع مبتدأ وناشئ من المنتزع منه الذى هو مدخول من، وأما جعلها للبيان فلا يفيد المبالغة لأن بيان شىء بشىء لا يدل على كمال المبين فى الوصف، بخلاف جعل شىء مبدأ ومنشأ لذى وصف فإنه يدل على كمال ذلك الشىء باعتبار ذلك الوصف، فإذا قيل:

لى من فلان صديق حميم فكأنه قيل: خرج لى من فلان وأتانى منه صديق آخر، ولا شك أن هذا يفيد المبالغة فى وصف فلان بالصداقة

(قوله: لى من فلان صديق حميم) أى لى صديق

<<  <  ج: ص:  >  >>