للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كقوله (١) لم يحك) أى لم يشابه (نائلك) أى عطاءك (السحاب وإنّما، حمّت به) أى صارت محمومة بسبب نائلك وتفوقه عليها (فصبيبها الرّحضاء) أى فالمصبوب من السحاب هو عرق الحمى فنزول المطر من السحاب صفة ثابتة لا يظهر لها فى العادة علة ...

===

لكن تارة تظهر لنا تلك العلة، وتارة تخفى لما تقرر أن الشىء لا يكون إلا لحكمة وعلة تقتضيه أما على المذهب الباطل من رعاية الحكمة وجوبا فظاهر، وأما على المذهب الصحيح فالقادر المختار وصف نفسه بالحكيم فهو يرتب الأمور على الحكم تفضلا وإحسانا منه

(قوله: كقوله) أى: الشاعر وهو أبو الطيب المتنبى

(قوله: السحاب) أى:

عطاء السحاب وإنما قدرنا ذلك المضاف؛ لأن المناسب أن يشبه عطاء السحاب بنيل الممدوح أى: أن عطاء السحاب لا يشابه عطاءك فى الكثرة ولا فى الصدور عن الاختيار ولا فى وقوعه موقعه؛ لأن السحاب لا اختيار لها فى نزول المطر وآثار نيلها بالنسبة لآثار عطائه واقعة فى غير موقعها، ويفهم من عدم مشابهة النائلين أن السحاب لا يشابهه فى عطائه فكأنه قيل: لا يشابهك السحاب فى عطائك والسحاب قيل جمع سحابة، وقيل اسم جنس

(قوله: وإنما حمّت به) لما كان يتوهم أن كثرة أمطار السحاب سببه طلبها مشابهة الممدوح فى الإعطاء دفع ذلك بقوله وإنما إلخ أى: ليس كثرة أمطار السحاب لطلبها مشابهتك؛ لأنها أيست من ذلك لما رأته من غزير عطائك وإنما صارت محمومة بسبب غيرتها من عدم مشابهة نائلها لنائلك وتفوق نائلك على نائلها أى: فوقانه وعلوه عليه فى الكم والكيف، فالماء المصبوب من السحاب هو العرق الناشئ من الحمى التى أصابتها بسبب غيرتها فقول الشارح: بسبب نائلك أى: بسبب تغيظها وغيرتها من عدم مشابهة نائلها لنائلك (وقوله: وتفوقه) أى: علوه عليها أى:

وتفوق عطائك على السحاب أى: على عطائها.

(قوله: فصبيبها) أى: المطر المصبوب أى: النازل منه الرّحضاء أى: من أجل الرّحضاء أى: الحمى التى أصابتها بسبب غيرتها

(قوله: فنزول المطر من السحاب)


(١) البيت للمتنبى فى ديوانه، والرّحضاء: عرق الحمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>