للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يتوقف تعقله على تعقل الغير، ...

===

أوليّا قيد لعدم الاقتضاء مطلقا، وهو بمعنى قول غيره من المتقدمين: لذاته أى: لا يقتضى قسمة ولا عدمها لذاته، وأما بالنظر لمتعلقه فقد يقتضى القسمة وقد يقتضى عدمها، ولذا كان هذا القيد مدخلا للعلم المتعلق بالمعلومات، فإنه عرض لا يتوقف تعقله على الغير ولا يقتضى القسمة ولا عدم القسمة اقتضاء أوليّا أى: بالنظر لذاته، وأما بالنظر للمعلوم فتارة يقتضى القسمة وتارة يقتضى عدمها، فالعلم المتعلق بشىء واحد بسيط يقتضى عدم القسمة، لكن لا لذاته بل باعتبار المتعلق. والعلم المتعلق بشيئين يستلزم القسمة، لكن لا لذاته بل باعتبار المتعلق.

والحاصل أن العلم لا يصدق عليه التعريف بدون ذلك القيد؛ لأنه إن تعلق بمعلوم واحد فإنه لعروض الوحدة له يقتضى عدم القسمة، وإن تعلق بمتعدد اقتضى القسمة لعروض التعدد له، وقد قال فى التعريف: إن الكيف لا يقتضى القسمة ولا عدمها، فلما زيد ذلك القيد فى التعريف دخل فيه العلم؛ لأنه فى حد ذاته لا يستلزم القسمة ولا عدمها، وإنما الانقسام وعدمه بالنظر للمعلوم، فإن كان المعلوم متعددا أو مركبا، كان العلم مقتضيا للقسمة اقتضاء ثانويّا، أى: عرضيّا، وإن كان المعلوم واحدا بسيطا، كان العلم مقتضيا لعدم القسمة اقتضاء عرضيا، فالقيد الرابع: للإدخال لا للإخراج، وإدخال العلم بالمعلومات بهذا القيد بناء على أن العلم من قبيل الكيفيات، وأنه عبارة عن الصورة الحاصلة فى النفس، وأما إن قلنا: إنه انتقال أى: انتقاش الصورة فى النفس، أو أنه فعل أى: نقش صورة الشىء فى النفس وارتسامها فيها فلا وجه لإدخاله فى التعريف

(قوله: لا يتوقف تعقله على تعقل الغير) اعترض بأنه غير جامع لعدم شموله للكيفية المركبة، كطعم الرمان: فإنه مركب من الحلاوة والحموضة، ولا شك أن المركب يتوقف تعقله على تعقل أجزائه، وحاصل الجواب: أن المراد بالغير ما كان منفكا عن الشىء، وأجزاء الشىء غير منفكة عنه.

واعترض أيضا بأنه غير جامع لعدم شموله للكيفية النظرية، فإن تعقلها يتوقف على الغير وهو النظر أعنى: القول الشارح والحجة، وذلك كمعنى الإنسان وحدوث

<<  <  ج: ص:  >  >>