والمفاخر وهو الإيمان يقال نقم منه وانتقم منه إذا عابه وكرهه وهو كالضرب الأول فى إفادة التأكيد من وجهين (والاستدراك) المفهوم من لفظ لكن (فى هذا الباب) أى باب تأكيد المدح بما يشبه الذم (كالاستثناء كما فى قوله:
هو البدر إلا أنه البحر زاخرا ... سوى أنه الضّر غام لكنه الوبل) (١)
===
(قوله والمفاخر) تفسير (قوله يقال نقم منه) بابه ضرب وفهم والأول أكثر ومنه الآية (قوله إذا عابه) أى فى شىء وقوله وكرهه أى لأجل ذلك الشىء
(قوله: من وجهين) لا يقال الوجه الأول مبنى على التعليق بالمحال كما تقدم، ولا يجرى ذلك هنا لأن كون الإيمان عيبا ليس بمحال، بدليل أن إعابتهم عليه قد وقعت بالفعل، لأنا نقول إعابته لهم عليه لا تقتضى كونه عيبا فى نفسه ولا يخرجه ذلك عن كونه حقا، لأنها باطلة قطعا بمقتضى العقل السليم اه. يس.
(قوله المفهوم من لفظ لكن) أى الدال عليه لفظ لكن (قوله فى هذا الباب) لم يقل فيه لئلا يتوهم عود الضمير للضرب الأخير خاصة (قوله كالاستثناء) أى فى إفادة المراد وهو تأكيد الشىء بما يشبه نقيضه، وحينئذ فيراد بالاستثناء المذكور فى تعريف الضربين ما يعم الاستدراك وإنما كان الاستدراك كالاستثناء فى هذا الباب لأنهما من واد واحد، إذ كل منهما لإخراج ما هو بصدد الدخول وهما أو قيقة، فإنك إذا قلت فى الاستدراك زيد شجاع لكنه بخيل فهو لإخراج ما يتوهم ثبوته من الشجاعة، لأن الشجاعة تلائم الكرم، كما أنك إذا قلت فى الاستثناء جاء القوم إلا زيدا، فهو لإخراج ما أوهم من عموم الناس دخوله، وإن كان الإيهام فى الأول بطريق الملائمة وفى الثانى بطريق الدلالة التى هى أقوى، فإذا أتى بصفة مدح ثم أتى بعد أداة الاستدراك بصفة مدح أخرى، أشعر الكلام بأن المتكلم لم يجد حالا يستدركه على الصفة الأولى، غير ملائم لها الذى هو الأصل، فأتى بصفة مدح مستدركة على الأولى، فيجىء التأكيد كما تقدم فى الضرب الثانى من الاستثناء.
(قوله: كما فى قوله) أى الشاعر وهو أبوالفضل بديع الزمان الهمذانى فى مدح خلف بن أحمد السجستانى (قوله هو البدر) أى من جهة الرفعة والشرف (قوله زاخرا)
(١) البيت لبديع الزمان الهمذاني، يمدح خلف بن أحمد الصغار.