للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلان لا خير فيه إلا أنه يسىء إلى من يحسن إليه، وثانيهما: أن يثبت للشىء صفة ذم وتعقب بأداة استثناء تليها صفة أخرى له كقولك: فلان فاسق إلا أنه جاهل) فالضرب الأول يفيد التأكيد من وجهين والثانى من وجه واحد (وتحقيقهما

===

التأكيد وكان مشبها للمدح، لما سبق من أن الأصل فيما بعد إلا مخالفته لما قبلها، فيكون ما بعدها إثبات صفة المدح، فتأمل.

(قوله: فلان لا خير فيه إلا أنه يسىء إلى من أحسن إليه) أى أنه انتفت عنه صفات الخير إلا هذه الصفة، وهى الإساءة للمحسن إليه إن كانت خيرا، لكنها ليست خيرا وحينئذ فلا خير فيه أصلا، ويجرى فى هذا ما جرى فى الضرب الأول فى تأكيد المدح من كون التأكيد فيه من وجهين؛ وذلك لأنه كدعوى الشىء ببينة، وهو هنا نفى الخيرية عنه بالمرة، وذلك لتعليق وجود الخيرية فى فلان على المحال، وهو كون الإساءة للمحسن إليه خيرا المبنى ذلك على تقدير الاتصال فى الاستثناء؛ ولأن الكلام من جهة كون الأصل فى الاستثناء الاتصال يشعر بأن المتكلم طلب الأصل وهو استثناء المدح ليقع الاتصال، فلما لم يجده استثنى ذمّا فجاء فيه ذم على ذم. قال السبكى فى عروس الأفراح: فى هذا المثال نظر؛ لأن الأصل فى الاستثناء الاتصال فلا بد أن يكون فيه مناسبة بين الخصلة المستثناة والخصال المستثنى منها، والإساءة إلى من أحسن إليه ليس فيها شىء يشبه الخير، وعلاقة المضادة هنا بعيدة الاعتبار، فينبغى أن يمثل بما صورته صورة إحسان، كقولك: فلان لا خير فيه إلا أنه يتصدق بما يسرقه. اه. يس.

(قوله: وتعقب) أى تلك الصفة

(وقوله: تليها) أى: تلى تلك الأداة،

(وقوله: له) أى كائنة لذلك الشىء الموصوف بالصفة الأولى

(قوله: والثانى من وجه واحد) أى لأن كونه كدعوى الشىء بالبينة لا يتأتى هنا لأنه يتوقف على التعليق وهو بالمحال وهو يتوقف على اتصال الاستثناء، وهو لا يتأتى هنا لأن المستثنى منه هنا صفة خاصة لا يمكن دخول شىء فيها، وحينئذ فالضرب الثانى وإنما يفيد التأكيد من جهة أن الاستثناء لما كان الأصل فيه الاتصال، والعدول عن الاتصال إلى الانقطاع يشعر بأن المتكلم طلب استثناء المدح فلم يجده، فأتى بالذم على الذم فجاء تأكيد الذم

(قوله: وتحقيقهما) أى

<<  <  ج: ص:  >  >>