للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن يقتلوك فقد ثللت عروشهم ... بعتيبة بن الحارث بن شهاب

يقال للقوم إذا ذهب عزهم وتضعضع حالهم: قد ثل عرشهم يعنى إن تبجحوا بقتلك وفرحوا به، فقد أثرت فى عزهم وهدمت أساس مجدهم بقتل رئيسهم فإن قيل هذا من تتابع الإضافات فكيف يعد من المحسنات؟ قلنا قد تقرر أن تتابع الإضافات إذا سلم من الاستكراه ملح ولطف، والبيت من هذا القبيل كقوله صلّى الله عليه وسلّم (١) (الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم) ...

===

والتكلف فى السبك ضده نحو زيد الفاضل بن عمرو أو زيد بن عمرو التاجر ابن خالد، ونحوه للفنرى، وفيه أن استفادة هذا المعنى من حسن السبك خفية، وحينئذ فيلزم التعريف بالأخفى، تأمل.

ويسمى ذكر اسم الشخص واسم آبائه على ترتيب الولادة اطرادا؛ لأن تلك الأسماء فى تحدرها كالماء الجارى فى اطراده، أى: سهولة انسجامه وجريانه.

(قوله: فقد ثللت) (٢) هو بتاء الخطاب أى: أهلكت، يقال ثلهم إذا أهلكهم، والعروش جمع عرش يطلق على المقر (وقوله: بعتيبة) أى بقتل عتيبة، وهذا مثال لما ذكر فيه اسم غير الممدوح، ومثال الاطراد الذى ذكر فيه اسم الممدوح الحديث الآتى

(قوله: وتضعضع) أى: ضعف

(قوله: إن تبجحوا) أى افتخروا بقتلك

(قوله: فقد أثرت إلخ) هذا دليل الجواب المحذوف، أى فلا يعظم علينا افتخارهم؛ لأن عندنا ما يخفف أذى افتخارهم، وهو أنك قد أثرت فى عزهم وهدمت أساس مجدهم، بقتل رئيسهم، فكأنك أخذت بثأر نفسك قبل قتلك فلا افتخار لهم فى الحقيقة

(قوله: فإن قيل هذا) أى البيت، (وقوله: من تتابع) إلخ أى: من ذى تتابع الإضافات

(قوله: فكيف يعد من المحسنات) أى: مع أنه مخل بالفصاحة

(قوله: قلنا: قد تقرر إلخ) حاصله أن تتابع الإضافات إنما يخل


(١) حديث صحيح.
(٢) هو للعباس بن مرداس في ديوانه ص ٣٦ ورواية صدره فيه" كثر الضجاج وما سمعت بغادر"، وهو لربيعة الأسدي في لسان العرب ١٣/ ٤٦٤ (يمن).

<<  <  ج: ص:  >  >>