أى الشديد الجراءة فبيت سلم أجود سبكا وأخصر لفظا.
(وإن كان) الثانى (دونه) أى دون الأول فى البلاغة لفوات فضيلة توجد فى الأول (فهو) أى الثانى (مذموم كقول أبى تمام) فى مرئية محمد بن حميد:
(هيهات لا يأتى الزمان بمثله ... إنّ الزّمان بمثله لبخيل) (١)
===
(قوله: أى الشديد الجراءة) أى: فهو بمعنى الفاتك اللهج وهو أصرح فى المعنى وأخصر
(قوله: فبيت سلم إلخ) الحاصل أن المعنى فى البيتين واحد وهو أن من لا يراقب الناس يفوز بالمرغوب فيه ومن راقبهم فاته مطلوبه، لكن بيت سلم أجود سبكا لدلالته على المعنى من غير تأمل لوضوحه وأخصر لفظا؛ لأن لفظ الجسور قائم مقام لفظى الفاتك اللهج- كذا فى ابن يعقوب، وقرر بعضهم أنه إنما كان أجود سبكا؛ لأنه رتب فيه الموت على مراقبة الناس، وأما بيت بشار فقد رتب فيه على مراقبة الناس عدم الظفر بالحاجة، والأول أبلغ، وفى الأطول: وإنما كان بيت سلم أجود سبكا لكونه فى غاية البعد عن موجبات التعقيد من التقديم والتأخير ونحو ذلك. اهـ.
قال فى المطول: يروى عن أبى معاذ رواية بشار أنه قال: أنشدت بشارا قول سلم فقال: ذهب والله بيتى فهو أخف منه وأعذب، والله لا أكلت اليوم، ولا شربت. اهـ.
فلعل مراد الشارح بجودة سبكه خفة ألفاظه وعذوبتها، وتأمل ذلك.
(قوله: وإن كان الثانى) أى: وإن كان الكلام الثانى وهو المأخوذ دون الكلام الأول وهو المأخوذ منه (وقوله: فى البلاغة) أى: فى الحسن وليس المراد بها مطابقة الكلام إلخ لوجودها فى كل منهما
(قوله: مذموم) أى: لأنه لم يصحبه شىء يشبه أن يكون به مبتدع الحسن، بل هو نفس الأول مع رذيلة إسقاط ما فى الأول من الحسن
(قوله: كقول أبى تمام) هو الأصل وهو من بحر الكامل
(قوله: فى مرثية محمد بن حميد) بزنة رويد أى:
حين استشهد فى بعض غزواته، والمرثية بتخفيف الياء، وقد تشدد كما قيل القصيدة التى يذكر فيها الرثاء أى: محاسن الميت
(قوله: هيهات لا يأتى إلخ) هيهات اسم
(١) البيت لأبى تمام يرثى محمد بن حميد، انظر ديوانه ص ٢٢٦، وتلخيص علوم البلاغة للقزوينى ص ١١١.