للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقول أبى الشيص:

أجد الملامة فى هواك لذيذة ... حبّا لذكرك فليلمنى اللّوّم (١)

وقول أبى الطيب: أأحبّه) الاستفهام للإنكار والإنكار باعتبار القيد الذى هو الحال أعنى قوله (٢) (وأحبّ فيه ملامة؟ ) كما يقال أتصلى وأنت محدث؟ على تجويز واو الحال فى المضارع المثبت كما هو رأى البعض أو على حذف المبتدأ، أى وأنا أحب ويجوز أن تكون الواو للعطف. والإنكار راجع إلى الجمع بين أمرين أعنى محبته ومحبة الملامة فيه (إن الملامة فيه من أعدائه) وما يصدر عن عدو المحبوب يكون مبغوضا وهذا نقيض معنى بيت أبى الشيص ...

===

حب اللوم فى المحبوب لعلّة، ويقرر الثانى بغض اللوم فى المحبوب لعلة أخرى، فيكون التناقض والتنافى بين البيتين بحسب الظاهر، وإن كانت العلة تنفى التناقض؛ لأنها مسلمة من الشخصين فيكون الكلامان معا غير كذب، ومعلوم أن من كانت عنده العلة الأولى صح الكلام باعتباره، ومن كانت عنده الثانية صح الكلام باعتباره، فالتناقض فى ظاهر اللفظين والالتئام باعتبار العلل

(قوله: أجد الملامة) أى: أجد اللوم والإنكار علىّ

(قوله: فى هواك) بكسر الكاف خطاب لمؤنث أى: فى شأنه أو بسببه

(قوله: حبّا لذكرك) أى:

وإنما وجدت اللوم فيك لذيذ لأجل حبى لذكرك واللوم مشتمل على ذكرك

(قوله: والإنكار باعتبار القيد) أى: راجع للقيد فالمنكر فى الحقيقة هو مصاحبة تلك الحال فالمعنى كيف أحبه مع حبى فيه ملامة؟ بل أحبه فقط

(قوله: كما يقال: أتصلى وأنت محدث) أى: فالمنكر هو وقوع الصلاة مع الحدث، لا وقوع الصلاة من حيث هى، وكما تقول: أتتكلم وأنت بين يدى الأمير، فالمنكر هو كونه يتكلم مع كونه بين يدى الأمير

(قوله: على تجويز إلخ) أى: بناء على تجويز إلخ وهو مرتبط بقوله الذى هو الحال

(قوله: والإنكار راجع إلى الجمع بين الأمرين) أى: كيف يجتمع حبه وحب اللوم فيه فى الوقوع منى، بل لا يكون إلا واحدا منهما

(قوله: وهذا) أى: بغض اللوم فى المحبوب


(١) البيت لأبى الشيص. فى الإشارات ص ٣١٤.
(٢) البيت للمتنبى فى ديوانه.

<<  <  ج: ص:  >  >>