لا على أنه منه) أى لا على طريقة أن ذلك الشىء من القرآن أو الحديث يعنى على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه منه كما يقال فى أثناء الكلام: قال الله تعالى كذا وقال النبى صلّى الله عليه وسلّم كذا ونحو ذلك فإنه لا يكون اقتباسا ومثل للاقتباس بأربعة أمثلة؛ لأنه إما من القرآن أو الحديث وكل منهما إما فى النثر أو فى النظم فالأول (كقول الحريرى فلم يكن إلا كلمح البصر أو هو أقرب حتى أنشد فأغرب و) الثانى مثل (قول الآخر ...
===
(قوله: لا على أنه منه) أى: بشرط أن يكون المأتى به على أنه من كلام المضمن بكسر الميم، لا على أنه من القرآن أو الحديث (فقوله: شيئا من القرآن إلخ) أى:
كلاما يشبه القرآن أو الحديث فليس المضمن نفس القرآن أو الحديث لما سيأتى أنه يجوز فى اللفظ المقتبس تغيير بعضه ويجوز نقله عن معناه الوارد فيه فلو كان المضمن هو القرآن حقيقة كان نقله عن معناه كفرا وكذلك تغييره. اهـ سيرامى.
(قوله: يعنى إلخ) أتى بالعناية إشارة إلى أن النفى ليس منصبا على المقيد وهو الوجه والطريقة، بل على القيد وهو كونه من القرآن أو الحديث، ففسر الشارح المتن أولا على ظاهره، ثم أشار لبيان المراد منه
(قوله: كما يقال إلخ) مثال للمنفى أى: الإتيان بشىء من القرآن أو الحديث على وجه فيه إشعار بأنه منه
(قوله: ونحو ذلك) مثل وفى الحديث أو وفى التنزيل كذا
(قوله: فإنه لا يكون اقتباسا) أى: لأن هذا ليس من التضمين فى شىء لسهولة التناول فلا يفتقر إلى نسج الكلام نسجا يظهر منه أنه شىء آخر فيعد مما يستحسن فيلحق بالبديع
(قوله: فالأول) أى: وهو الاقتباس من القرآن فى النثر
(قوله: فلم يكن إلا كلمح البصر إلخ) أى: لم يكن من الزمان إلا كلمح البصر أى:
لم يكن من الزمان إلا مثل ما ذكر فى القلّة واليسارة، فأنشد فيه أبو زيد السروجى وأغرب أى: أتى بشىء غريب بديع، وهذا كناية عن سرعة الإسناد الغريب وحتى فى قوله: حتى أنشد بمعنى الفاء، فقد اقتبس الحريرى هذا من قوله تعالى: وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ (١) وظاهر أنه أتى به لا على أنه من القرآن