للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يكون من الطرف الأعلى؛ وقد أوضحنا ذلك فى الشرح.

===

هو عكس الأول؛ لأن الأول يفيد أن حد الإعجاز نوع له فردان: الأعلى وما يقرب منه، وهذا يفيد أن الطرف الأعلى نوع تحته فردان: حد الإعجاز وما يقرب منه، وهذا الزعم لبعض شراح الإيضاح، حيث قال: إن قوله وما يقرب منه: عطف على حد الإعجاز، والمراد بحد الإعجاز: البلاغة فى أقصر سورة، وبما يقرب منه: البلاغة فى مقدار آية أو آيتين، فكأنه قال: ولها طرفان: أعلى، وهو البلاغة القرآنية، أو المراد بحد الإعجاز: كلام يعجز البشر عن الإتيان بمثله: كالقرآن، والقريب من حد الإعجاز أن لا يعجز الكلام البشر ولكن يعجزهم مقدار أقصر سورة عن الإتيان بمثله

(قوله: لا يكون من الطرف الأعلى) أى: الذى تنتهى إليه البلاغة؛ وذلك لأن ما يقرب من حد الإعجاز من المراتب العلية فقط، ولا وجه لجعل تلك المراتب العلية من الطرف الأعلى الذى تنتهى إليه البلاغة؛ لأنه فرد جزئى على أنه حيث كان الطرف الأعلى أمرا واحدا شخصيا لا انقسام له فى جهة. كما هو الأصل فى الطرف، وذلك كالنقطة التى هى طرف الخط، فإنها لا انقسام لها فى جهة لو كان ما يقرب من حد الإعجاز من ذلك الأعلى لزم عليه انقسام ما لا يقبل القسمة، والإخبار عن الواحد بمتعدد وكلاهما باطل، فإن قلت: يعتبر الطرف الأعلى واحدا نوعيا من أنواع البلاغة متعدد الأفراد، ومن جملة أفراد ذلك النوع: حد الإعجاز وما يقرب منه، وحينئذ فيصح أن يكون القريب من حد الإعجاز من الطرف الأعلى، قلنا هذا لا يصح لأمور.

الأمر الأول: أنه لا بد من وجه تتحقق به نوعيته الشاملة لأفراده، وبه صار جميع الأفراد أعلى، والنوعية بالإعجاز تخرج ما يقرب من حد الإعجاز، فلا يصح الإخبار حينئذ، والنوعية بغيره لم تتبين.

الأمر الثاني: أن التعبير عن النوع إنما يصح بجميع الأفراد لا ببعضها، وهذان الفردان أعنى: حد الإعجاز وما يقرب منه بعض أفراد النوع، إذ الطرف الأعلى: هو مرتبة الإعجاز، وحده: نهايته، والقريب من نهايته إنما يتناول ما هو أقرب من غيره لتلك النهاية، فلا يتناول مبدأ الإعجاز أى: أول مرتبته ووسط تلك المرتبة مع شمول ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>