للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبعد عن أسباب الإخلال بالفصاحة (ويتبعها) أى: بلاغة الكلام (وجوه أخر) سوى المطابقة والفصاحة (تورث الكلام حسنا) وفى قوله: يتبعها إشارة إلى أن تحسين هذه الوجوه للكلام عرضى ...

===

وحينئذ فإذا كان المقام يقتضى عشر خصوصيات، وأتى بواحدة لكونه لم يطلع إلا عليها أى: لم يعلم أن المناسب للحال إلا تلك الخصوصية كان هذا مرتبة، أو اطلع على خصوصيتين كان ذلك مرتبة ثانية، وهكذا وكل مرتبة أعلى من الأخرى برعاية الاعتبارات، أو كان حال المخاطب يقتضى ثلاث خصوصيات مثلا، وهذا خاطبه بخصوصية لكونه لم يطلع إلا عليها، وآخر خاطبه بخصوصيتين لكونه اطلع عليهما، وآخر خاطبه بثلاث خصوصيات لكونه اطلع عليها، والحاصل أن التفاوت بحسب رعاية الاعتبارات: إما باعتبار تفاوت الكلامين فى الاشتمال على المقتضيات فى القلة والكثرة، وإما باعتبار تفاوت اقتدار المتكلم فى الرعاية. فتأمل ذلك.

(وقوله ورعاية الاعتبارات) ليس هذا لازما لما قبله؛ لأنه لا يلزم من تفاوت المقامات رعاية الاعتبارات؛ فإن المقام قد يقتضى ثلاث مؤكدات ويؤتى له بمؤكد نعم، هو عطف مسبب على سبب، وأتى بذلك إشارة إلى أن تفاوت درجات البلاغة ليس بتفاوت المقامات، بل بتفاوت رعاية الاعتبارات

(قوله: والبعد إلخ) عطف على تفاوت، كما لو كان كلام مطابق لمقتضى الحال. وانتفى عنه الثقل بالكلية وهناك كلام آخر مطابق، لكن فيه شىء يسير من الثقل لا يخرجه عن الفصاحة، فالأول أعلى بلاغة من الثانى

(قوله: ويتبعها) أى: فى التحسين، وقوله وجوه أخر أى: وهى المحسنات البديعية، وقوله: تورث الكلام حسنا أى: حسنا عرضيا زائدا على الحسن الذاتى الحاصل بالفصاحة والمطابقة.

(قوله: سوى المطابقة والفصاحة) هو غير متعرف بالإضافة ولذا وقع صفة للوجوه وفى هذا التفسير إشارة إلى أن آخرية تلك الوجوه ومغايرتها بالنظر للمطابقة والفصاحة، فإن قلت قول المصنف: أخر المفسر بما ذكره الشارح مستغنى عنه ولا فائدة

<<  <  ج: ص:  >  >>