للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على تأليف كلام بليغ فعلم) ...

===

وحينئذ فلا يتم قول الشارح؛ لأنها ليست مما يجعل المتكلم موصوفا بصفة أجيب بأن المراد أنها ليست مما يجعل المتكلم متصفا بصفة معهودة فى العرف إذ لا يقال عرفا لمن يتكلم بما فيه تجنيس مجنس، ولا لمن يتكلم بما فيه تطبيق، أو ترصيع مطبق أو مرصع كما يقال عرفا: بليغ وفصيح للمتكلم بالكلام البليغ أو الفصيح، وهذا لا ينافى أنه يوصف بكونه مجنسا، أو مرصعا لغة، فتحصل أن المانع من جعلها تابعة لبلاغة المتكلم كونها؛ لأنها لا تجعل المتكلم متصفا بصفة معهودة فى العرف كبلاغة الكلام، وهناك مانع آخر وهو أن هذه الوجوه محسنة للكلام لا للمتكلم، فلذا جعلت تابعة لبلاغة الكلام دون المتكلم.

(قوله: على تأليف كلام بليغ) اعترض بأن كلام نكرة فى سياق الإثبات، فلا تعم عموما شموليا بل عموما بدليا، فيصدق التعريف بما إذا قدر على تأليف كلام بليغ فى نوع واحد من المعاني: كالمدح دون آخر كالذم والشكر والشكاية والتضرع والنهى، أو على اثنين مثلا دون البقية مع أنه لا يقال له بليغ، وحينئذ فالتعريف غير مانع، وأجاب العلامة عبد الحكيم بأن النكرة هنا وإن كانت فى سياق الإثبات إلا أنها موصوفة وهى تفيد العموم نحو أكرم رجلا عالما، أى: رجل عالم، وحينئذ فالمعنى هنا يقتدر بها على تأليف أى كلام بليغ يقصده، فيخرج عن التعريف ملكة الاقتدار على تأليف كلام خاص، وما ذكره من أن النكرة الموصوفة تفيد العموم صرح به الحنفية فى أصولهم، أو يجاب بأن إضافة المصدر تفيد العموم، أو أن المتبادر من الملكة هو الكامل منها، وهو ما ذكرناه.

والتعريف يحمل على المتبادر، فإن قلت: إن العموم مضر؛ لأنه يلزم على اعتباره فى التعريف أن لا توجد البلاغة فى أحد من البشر بل ولا فى غيرهم؛ وذلك لأن من جملة الكلام البليغ: القرآن، فلا يكون الشخص بليغا إلا إذا كان فيه ملكة يقتدر بها على التعبير بمثله إذا قصد ذلك مع أن الإتيان بمثل القرآن ليس فى قدرة أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>