مصاحب له، بل إذا نظرت للتحقيق تجد المقدم إنما هو جعل غير السائل: كالسائل أى تنزيله منزلته، ثم يخرج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر بعد ذلك بأن يؤكد، والجواب أن الفاء هنا للعطف المجرد عن السببية، أو أنها للتفريع، ومعنى قوله: وكثيرا ما يخرج أى: يقصد التخريج، ولا شك أن التنزيل يعقب قصد التخريج، وأن قوله فيجعل إلخ: تفصيل لما أجمله فى قوله وكثيرا إلخ، واعلم أن حال المخاطب بالجملة الخبرية منحصرا فى العلم بالحكم، والخلو منه والسؤال له والإنكار له، فالعالم لا يتصور معه إخراج الكلام على مقتضى الظاهر؛ لأن مقتضاه أن لا يخاطب بما يعلمه فخطابه به إنما يكون بعد تنزيله منزلة غيره من الثلاثة، ويكون الكلام حينئذ مخرجا على خلاف مقتضى الظاهر، وكل من الخالى والسائل والمنكر يتصور معه الوجهان، فإذا نظر فى خطابه إلى حال نفسه القائم به كان إلقاء الخبر إليه إخراجا على مقتضى الظاهر، وإن نزل فى ذلك منزلة أحد الآخرين إذ لا معنى لتنزيله فى الخطاب منزلة العالم كان إخراجا على خلاف مقتضاه، فانحصر إخراج الكلام فى اثنى عشر قسما، ثلاثة منها فى إخراج الكلام على مقتضى الظاهر، وتسعة فى إخراجه على خلافه، ثلاثة منها فى العالم، وستة فى غيره، وإذا ضربت هذه الإثنى عشر فى الإثبات والنفى صارت أربعة وعشرين، إذا علمت هذا- فقول المصنف: فيجعل غير السائل يتناول خالى الذهن والمنكر والعالم إلا أن المقصود الأول؛ لأن تقديم الملوح لجنس الخبر إنما يعتبر بالنسبة للخالى، وقد يقال هذا لا ينافى التناول؛ لأن قوله إذا قدم إلخ: هذا بالنسبة لخالى الذهن، فلا يرد أن المصنف أهمل بقية الأقسام.
بقى شىء آخر، وهو أن إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر قد يلتبس بإخراجه على مقتضى الظاهر، فلا تظهر الفائدة، وذلك كجعل السائل كالخالى؛ لأن ترك التأكيد للسائل جائز، ولا يخل بالبلاغة، فلا يعلم به تنزيله منزلة الخالى، وأجيب بأنه عند الالتباس يحتاج إلى قرينة تعين المقصود أو ترجحه، فإن لم توجد قرينة صح الكلام على كل من الأمرين، وكذا بعض صور إخراج الكلام على مقتضى الظاهر