يعنى: لأجل أن ذلك الغير يشابه ما هو له فى ملابسة الفعل (مجاز كقولهم:
عِيشَةٍ راضِيَةٍ (١)) ...
===
بين المسند إليه الحقيقى والمسند إليه المجازى فى الملابسة أى: فى تعلق الفعل بكل منهما وإن كانت جهة التعلق مختلفة- أتى الشارح بالعناية إشارة إلى أنه ليس المراد بالملابسة فى كلام المصنف التعلق بين الفعل والمسند إليه المجازى كما مر، بل المراد بها هنا المشابهة والمحاكاة والمناظرة بين المسند إليه المجازى والحقيقى فى التعلق، فقول الشارح يعنى لأجل أن ذلك الغير أى: المسند إليه المجازى كالنهر فى قولك: جرى النهر يشابه ما هو له أى:
يشابه المسند إليه الحقيقى كالماء فى قولك: جرى الماء، وقوله فى ملابسة الفعل أى: وهو الجرى، فالجرى يلابس الماء من جهة قيامه به، ويلابس النهر من جهة كونه واقعا فيه.
ولا يقال حيث كانت علاقة هذا المجاز المشابهة كان من الاستعارة؛ لأنا نقول الاستعارة: لفظ استعمل فى غير ما وضع له لعلاقة المشابهة، والإسناد ليس بلفظ، وما وقع فى تسميته استعارة فليس المراد منه الاستعارة الاصطلاحية، بل ذلك على سبيل النقل والاشتراك اللفظى، والحاصل أن العلاقة فى هذا المجاز المشابهة بين المسند إليه المجازى والمسند إليه الحقيقى فى تعلق الفعل بكل لأجل صحة إسناده لذلك المجازى، والعلاقة فى الاستعارة المشابهة بين المعنى المجازى والمعنى الحقيقى لأجل صحة نقل اللفظ من المعنى الحقيقى للمعنى المجازى.
قال الفنرى: إن قلت لأى شىء حول الشارح العبارة وفسر الملابسة بمشابهة ذلك الغير لما هو له، ولم يفسرها بارتباط الفعل بالمسند إليه الذى ليس هو له، مع أن ذلك كاف فى إسناد الفعل إليه. قلت: الباعث له على اختيار ذلك أن ملاحظة المشابهة المذكورة أدخل وأتم فى صرف الإسناد الذى هو حق ما هو له إلى غيره وإن كفى فيه مجرد الملابسة المذكورة
(قوله: كقولهم) أى: كالإسناد فى قولهم، وقوله: عِيشَةٍ راضِيَةٍ فى حاشية شيخنا الحفنى: أصله رضى المؤمن عيشته، ثم أقيم عيشة مقام المؤمن