من: أفعمت الإناء: ملأته (وشعر شاعر) فى المصدر، والأولى التمثيل بنحو: جد جده؛ لأن الشعر هنا بمعنى المفعول (ونهاره صائم) ...
===
(قوله: من أفعمت الإناء) راجع لقوله مفعم قال الحفيد: الأولى أن يقول من أفعم الماء الإناء بدليل قول الشارح: لأن السيل هو الذى يفعم، والسيل والماء بمعنى، وأجيب بأن الحامل له على ذلك أن ذلك التعبير هو الشائع فى عباراتهم، وقال عبد الحكيم: لم يقل من أفعم الماء الإناء؛ لأن الماء ليس بمفعم للإناء، بل آلة للإفعام بخلاف السيل، فإنه مفعم للوادى.
(قوله: وشعر شاعر) أى: فقد أسند ما هو بمعنى الفعل أعنى: شاعر إلى ضمير المصدر، وحقه أن يسند للفاعل أعنى: الشخص؛ لأنه الفاعل الحقيقى بحيث يقال شعر شاعر صاحبه، لكن لما كان الشعر شبيها بالفاعل من جهة تعلق الفعل بكل منهما صح الإسناد إليه مجازا
(قوله: فى المصدر) أى: فيما بنى للفاعل وأسند للمصدر وكذا يقال فيما يأتى.
(قوله: جد جده) أى: جد اجتهاده، وأصله جد زيد جدّا أى: اجتهادا؛ لأن حق الجد أن يسند للفاعل الحقيقى وهو الشخص لا للجد نفسه، لكن أسند إليه لمشابهته له فى تعلق الفعل بكل منهما؛ لأن ذلك الفعل صادر من الشخص، والمصدر جزء معنى ذلك الفعل
(قوله: لأن الشعر هنا) أى: الذى هو مصدوق الضمير فى شاعر بمعنى المفعول أى: الكلام المؤلف أى: وحينئذ فهو من باب عِيشَةٍ راضِيَةٍ أى: من قبيل المبنى للفاعل المسند للمفعول، وليس من قبيل ما بنى للفاعل وأسند للمصدر الذى كلامنا فيه بخلاف: جد جده، فإنه من ذلك القبيل إن قلت: حيث كان كذلك، فالتمثيل بجد جده هو الصواب لا الأولى فقط، قلت: إن الشعر يحتمل أن يكون باقيا على مصدريته بمعنى تأليف الكلام فيكون من ذلك القبيل، فالحاصل إن جد جده من قبيل المبنى للفاعل المسند للمصدر قطعا، وأما شعر شاعر: فيحتمل أن يكون من ذلك القبيل، ويحتمل أن يكون من باب عيشة راضية، وما لا احتمال فيه أولى مما فيه احتمال، ومن هذا تعلم أن قول الشارح؛ لأن الشعر هنا بمعنى المفعول أى: بحسب المتبادر للفهم، وإن جاز أن يكون بمعنى التأليف.