فيه، ففى الأحوال الثلاثة يحمل على الحقيقة؛ لأنها الأصل، وقول الشارح: لاحتمال إلخ، تعليل قاصر على صورة الشك، ولعله ترك تعليلى صورة العلم والظن لظهورهما، وخرج بقوله ما لم يعلم أو يظن ما إذا علم أنه لا يعتقد الظاهر أو ظن؛ ذلك لأنه فى هاتين الحالتين يحمل على المجاز ويكون حاله المعلوم أو المظنون قرينة صارفة للإسناد عن ظاهره.
والحاصل أن صور الحقيقة ثلاث علم أو ظن اعتقاد المتكلم للظاهر، والثالثة الشك فى ذلك، وصور المجاز اثنتان ما إذا علم عدم اعتقاده للظاهر، أو ظن ذلك فمنطوق القيد فى كلام المصنف صور الحقيقة الثلاث ومفهومه صورتا المجاز.
(قوله: أو يظن) إذا قوبل العلم بالظن يراد بالظن ما عدا العلم فيشمل الجزم الغير الراسخ بأن قائله يعتقد ظاهره، فاندفع ما يقال إنه لا يكفى فى عدم الحمل على الحقيقة انتفاء العلم والظن بأن قائله لم يعتقد ظاهره، بل لا بد من انتفاء التصديق مطلقا ولو عن تقليد، إذ يكفى فى الحمل على الحقيقة الجزم الغير الراسخ مطابقا أم لا، فلو قال المصنف ما لم يعتقده أو يظن لكان أحسن، هذا ولم يعد المصنف حرف النفى فى يظن إشارة إلى أن التركيب من قبيل عطف المنفى على المنفى لا من قبيل العطف على النفى، إذ المعنى على عموم النفى للعلم والظن، وهذا العموم إنما يتحقق بذلك؛ لأن أو التى لأحد الشيئين واقعة فى حيز النفى فيستفاد العموم الذى هو المقصود؛ لأن انتفاء الأحد الدائر لا يتحقق إلا بانتفاء الأمرين جميعا، ولو أعاد المصنف حرف النفى لربما توهم أن مجموع الجازم والمجزوم عطف على مثله، وأن المعنى على أحد النفيين وأن انتفاء أحدهما يكفى فى الحمل على المجاز مع أنه لا بد فيه من كلا الانتفاءين، ومتى وجد أحدهما بدون الآخر تعين الحمل على الحقيقة، وأعاد الشارح حرف النفى تبيينا لمراد المصنف، وهو أن يظن معطوف على نفس المجزوم لا مرفوع عطفا على مجموع الجازم والمجزوم ولا منصوب بأن مضمرة على حد حديث:" البيعان بالخيار ما لم يتفرقا"(١)، أو يقول أحدهما للآخر: اختر.