للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه يدل على أنه فعل الله، وأنه المبدئ، والمعيد، والمنشئ، والمفنى، فيكون الإسناد إلى جذب الليالى بتأويل ...

===

وحتى فيه تفريعية بمعنى: الفاء، والمفرع عليه محذوف أى: اطلعى وتحركى، فإذا واراك إلخ

(قوله: فإنه يدل) أى: فإن إسناد الإفناء إلى إرادته تعالى يدل على أن التمييز فعل الله، ووجه الدلالة أن هذا الإسناد شأن الموحد وإن كان هذا الإسناد أيضا مجازا كما علمت. فإن قلت أى سر فى صرف الإسناد الأول عن ظاهر وجعله مجازا وجعل الإسناد الثانى أعنى إسناد الإفناء لقيل الله قرينة، ولم يعكس بحيث يجعل إسناد ميز حقيقة وإسناد أفناه مجازا، مع أن الشخص الواحد إذا صدر منه كلامان وأحدهما يدل على خلاف ما يدل عليه الآخر، ولم يعلم حال القائل صح جعل كل منهما قرينة على صرف الآخر.

أجيب بأن صدق أحد الكلامين ومطابقته للواقع مرجح وقرينة قائمة على صرف الآخر، على أن جملة أفناه قيل الله: مبينة لقوله ميز عنه، وحينئذ فلا يجوز أن يكون إسناد أفناه مجازا، وإسناد ميز حقيقة.

(قوله: وأنه المبدىء إلخ) فيه أن الإسناد المذكور إنما يدل على أنه تعالى هو المفنى، ولا دلالة له على أنه المعيد والمبدىء، إلا أن يقال: الدلالة على ذلك من جهة أنه لا قائل بالفرق أو من جهة أن طلوع الشمس بالفعل يستلزم طلوع النهار وهو إبداء وإنشاء له، أو يقال: وجه الدلالة أنّ من قال بأمر الله وإرادته وأن طلوع الشمس وغروبها فى كل يوم بأمره: يكون مسلما، والمسلم قائل بأن الابداء والإعادة والإنشاء والإفناء من الله تعالى، وهذا كله إذا جعل ضمير قوله فإنه يدل على إسناد الإفناء لقيل الله، أما إن جعل الضمير راجعا للبيت فتكون الدلالة على أنه تعالى مبدئ ومعيد من قوله:

حتّى إذا واراك أفق فارجعى

فإنه يدل على الإعادة، ومن كان يفعل الإعادة يفعل ضدها وهو البداية، فالبداية مأخوذة من الإعادة لزوما، كما أن الإنشاء مأخوذ من الإعادة لزوما، وأما الدلالة على أنه مفن فمأخوذة من قوله أفناه إلخ كذا قرر بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>