للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمصنف لم يطلع عليه (ولأنه) أى: ما ذهب إليه السكاكى (ينتقض بنحو: نهاره صائم) وليله قائم، وما أشبه ذلك ...

===

ولا شك أن حق الإنبات أن لا يسند إليه؛ لأنه ليس قائما به، وإنما حقه أن يسند للفاعل المختار الحقيقى، وإسناد الشىء لغير ما هو له مجاز عقلى، وكذا تقول فى باقى الأمثلة فقد اضطر السكاكى إلى القول بالمجاز العقلى. والحاصل أنه إن أريد بالمسند إليه فى أمثلة المجاز العقلى الفاعل الحقيقى لزمه ما ذكره المصنف، وإن أريد به الفاعل الادعائى لزمه القول بالمجاز العقلى وهو إشكال صعب لا محيص عنه. ويرد على هذا الجواب بحث آخر وهو أن لفظ المشبه مستعمل فيما وضع له تحقيقا، وحينئذ فلا يندرج فى الاستعارة التى هى مجاز وادعاء السبعية مثلا للمنية لا يجدى نفعا؛ لأن ذلك لا يخرجها عن كون اللفظ وضع لها حقيقة، لكن قد أجاب العلامة السيد فى شرح المفتاح عن هذا بأن ما هو خارج عن الموضوع له إذا اعتبر معه صيره غير الموضوع له، وحينئذ فيكون لفظ المنية مستعملا فى غير ما وضع له، حيث أريد بالمنية الموت مع وصف السبعية، لكن بادعاء السبعية له أى: وجعل لفظ المنية مرادا، فاللفظ السبع ادعاء ومثل ما قيل هنا يقال المراد بالعيشة: صاحبها بادعاء الصاحبية لها، وبالنهار الصائم بادعاء الصائمية له لا بالحقيقة حتى يفسد المعنى وتبطل الإضافة، ويكون الأمر بالبناء لهامان كما أن النداء له، لكن بادعاء أنه بان وجعله من جنس العملة لفرط المباشرة، ولا يكون الربيع مطلقا على الله تعالى حتى يتوقف على السمع، إذا المراد به حقيقة الربيع، لكن بادعاء أنه قادر مختار من أجل المبالغة فى التشبيه.

(قوله: والمصنف لم يطلع عليه) هذا فى غاية البعد، بل اطلع عليه ولم يرتضه، وأشار إلى رده بقوله ذاهبا إلى أن ما مر إلخ، فإنه يشير إلى قوله تعالى فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ (١).

(قوله: ولأنه ينتقض إلخ) الحاصل أن السكاكى أدعى أن كل مجاز عقلى استعارة بالكناية، ودليله على ذلك- كما أشار إليه الشارح بقوله والحاصل إلخ- أن


(١) التكوير: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>