للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن الدال حقيقة عند الحذف هو اللفظ المدلول عليه بالقرائن (كقوله: قال لى:

كيف أنت، قلت: عليل (١)) لم يقل: أنا عليل؛ ...

===

المتكلم المسند إليه فقد خيل للسامع أن هناك دليلين، وأنه عدل عن الأضعف منهما إلى الأقوى وهو العقل وجعله أقوى باعتبار ما علمته مما مر.

واعلم أن تقرير السؤال والجواب اللذين أشار لهما الشارح على الوجه الذى قلناه هو ما يؤخذ من كلام ابن يعقوب (٢) وعبد الحكيم وغيره من حواشى المطول، فلا نلتفت لما ذكره بعضهم فى تقريرهما، واعترض على الشارح بما هو غير وارد عليه.

(قوله: لأن الدال حقيقة عند الحذف هو اللفظ) أى: المقدر المدلول عليه بالقرائن لا ذات المسند إليه، واعترض بأنه إذا كان اللفظ عند الحذف هو الدال حقيقة كان هذا مناقضا لقوله السابق والاعتماد عند الحذف على دلالة العقل وهو أقوى وأيضا لا يتأتى إدراك المسند إليه من التركيب بدون العقل كما لا يتأتى إدراكه بالعقل بدون اللفظ، فلا وجه لحصر الدلالة عند الحذف فى اللفظ المقدر، وقد يجاب بأن الحصر المستفاد من ضمير الفصل إضافى أى: ليس الدال عند الحذف العقل وحده، وهذا لا ينافى أن الدلالة لهما معا، وحينئذ فلا ينافى قوله سابقا والاعتماد عند الحذف على دلالة العقل؛ لأن المراد من حيث الظاهر كما قلنا، فإن قلت الحصر غير صحيح فى نفسه لجواز أن يدل بالقرائن على ذات المسند إليه مع قطع النظر عن الألفاظ. قلت:

هذا وإن كان أمرا ممكنا فى نفسه إلا أن ما ذكر بناء على ما استمر فى العادة من أن فهم المعانى قلما ينفك عن تخييل الألفاظ، وقال العلامة عبد الحكيم: ضمير الفصل هنا لمجرد التأكيد لا للقصر، فإنه باطل لمعارضته لما مر من قوله من حيث الظاهر أى:

ولقوله: والاعتماد عند الحذف على دلالة العقل.

(قوله: كقوله قال لى إلخ) تمامه: سهر دائم وحزن طويل


(١) من الخفيف، وهو بلا نسبة فى التبيان للطيى ١/ ١٤٦، ودلائل الإعجاز ص ٢٣٨. وقال الشيخ محمود شاكر: مشهور غير منسوب. والإيضاح ص ٣٨، وشرح عقود الجمان ١/ ٥٢.
(٢) هو صاحب" مواهب الفتاح على تلخيص المفتاح" ابن يعقوب المغربى رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>