للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أو) اختبار (مقدار تنبهه) هل يتنبه بالقرائن الخفية أم لا (أو إيهام صونه) أى:

المسند إليه (عن لسانك) تعظيما له ...

===

وقول الشارح: أم لا. ليس فيه حذف المعطوف وإبقاء العاطف؛ لأن المحذوف جزء المعطوف لا كله؛ لأن لا المذكورة من جملته، والمحكوم عليه بالمنع عند محققى النحاة حذف المعطوف بتمامه مع بقاء العاطف

(قوله: واختبار مقدار تنبهه) أى: مبلغ ذكائه هل يتنبه بالقرائن الخفية أم لا؟ وذلك إذا حضر عندك شخصان أحدهما أقدم صحبة من الآخر، فتقول لمخاطبك: والله حقيق بالإحسان. تريد أقدمهما صحبة وهو زيد مثلا حقيق بالإحسان، فتحذف ذلك المسند إليه اختبارا لمبلغ ذكائه هل يتنبه لهذا المحذوف بهذه القرينة التى معها خفاء، وهى أن أهل الإحسان ذو الصداقة القديمة دون حادثها أو لا يتنبه له وقد حكى عن بعض الخلفاء من بنى العباس أنه ركب سفينة مع واحد من ندمائه فسأل الخليفة ذلك الواحد: أى طعام أشهى عندك؟ فقال مح البيض المسلوق، فاتفق عودهما هنالك فى القابل، فقال له الخليفة: مع أى شىء؟ فأجاب النديم:

مع الملح. فتعجب من استحضاره وكمال تنبهه ويقظته.

ثم اعلم أن القرائن عند الحذف قد تكون فى غاية الوضوح بحيث لا يزيد ذكر اللفظ معها على تركه، وقد تكون خفية. فإذا كانت القرينة فى ذلك لموضوع شأنها الخفاء حذف المسند إليه حينئذ لاختبار مقدار التنبه، بخلاف ما إذا كانت واضحة جدّا فالحذف حينئذ بمنزلة الذكر فلا يناسب حينئذ تلك النكتة، ولذا قيد الشارح القرائن فى هذا الموضع بالخفية، واستشكل بأن المخاطب إن كان عالما بالقرينة فلا معنى للحذف للاختبار، وإن لم يكن عالما فلا يجوز الحذف، والجواب أن القرينة يكفى فيها ظن المتكلم أن المخاطب عالم بالقرينة، فإن قلت حيث كان يكفى فيها ظن المتكلم علم المخاطب بها فما معنى قوله: مقدار؟ أجيب: بأنه إنما أتى به لكون المقصود تيقن التنبه والظن لا يستلزم اليقين كذا فى تجريد نسخة شيخنا الحفنى

(قوله: أو إيهام صونه إلخ) نحو: مقرر للشرائع موضح للدلائل فيجب اتباعه تريد رسول الله- صلّى الله عليه وسلم- وعبر هنا بالإيهام، وفيما سبق بالتخييل لمحض التفنن، لا أن الأول من الصور

<<  <  ج: ص:  >  >>