وتقريرا للمسند إليه وفى ذكره معها زيادتهما، وليس كذلك؛ لأن المسند إليه إذا دل عليه بالقرائن عند الحذف فكأنه ذكر فإذا صرح به فكأنه ذكر ثانيا، فيحصل حينئذ زيادة الانكشاف، وأصل التقرير الذى هو الإثبات مع التكرر لا زيادته، وأجيب بأن قوله: والتقرير عطفا على زيادة، أو أنه عطف على الإيضاح، وما يراد بالتقرير مطلق الإثبات لا الإثبات مع التكرر، فتقريره أى: تثبيته فى ذهن السامع حاصل عند الحذف لوجود القرينة المعينة له وفى الذكر زيادة؛ لأن الدلالة اللفظية اجتمعت مع الدلالة العقلية
(قوله: وعليه) أى: على ذكره لزيادة الإيضاح والتقرير جاء قوله تعالى أُولئِكَ عَلى هُدىً (١) إلخ أى: حيث لم يحذف فيه المسند إليه أعنى اسم الإشارة الثاني، ويجعل هم المفلحون خبرا عن اسم الإشارة الأول بطريق العطف لأجل زيادة الإيضاح أى:
الانكشاف والتقرير، وللتنبيه على اختصاصهم بالفلاح فى الآجل كما اختصوا بالهدى فى العاجل، فجعل كل من الأمرين فى تميزهم به عن غيرهم بمثابة ما لو انفرد أحدهما على حدة فى كفاية التمييز، والحاصل أن تكرر أولئك أفاد اختصاصهم بكل واحد من الفلاح والهدى مميزا لهم عمن عداهم، ولو لم يكرر وعطف قوله هم المفلحون على قوله على هدى من ربهم لاحتمل ذلك باعتبار تسلط اسم الإشارة على المعطوف، واحتمل اختصاصهم بالمجموع؛ لأن مع الحذف لا يتضح التكرير كمال الإيضاح فيكون المجموع هو المميز لا كل واحد فيفوت المعنى المقصود الذى أفاده التكرير، وإنما لم يقل كقوله تعالى: لأنه ليس من قبيل ما لو لم يذكر لكان المسند إليه محذوفا؛ لأن هم المفلحون إذا لم يذكر المسند إليه يكون معطوفا على الخبر أعنى: على هدى أو على جملة أولئك على هدى من ربهم فيكون من عطف الجمل وعلى الاحتمالين: لا حذف للمسند إليه. فتأمل.