للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل فى هذا المقام: إن الكناية ...

===

الانتقال من المعنى الموضوع له أولا، وإن لم يكن هو المستعمل فيه اللفظ إلى لازمه كاف فى الكناية ولا تتوقف على إرادة لازم ما استعمل فيه اللفظ وهو الذات المعينة، وهذا جواب عما يقال إن الكناية يجب فيها أن يكون المراد من اللفظ لازم معناه كما فى كثير الرماد، فإنه استعمل فى كثرة الرماد مرادا منه لازم معناه وهو الكرم وهنا ليس كذلك؛ لأن المعنى الذى استعمل فيه اللفظ الذات والكون جهنميا ليس من لوازمها، وحاصل الجواب أن قولهم يجب فى الكناية أن يكون اللفظ مستعملا فى لازم معناه يعنى إذا كانت الكناية باعتبار المسمى بهذا الاسم، وأما إذا كانت الكناية باعتبار المعنى الأصلى، كما هنا، فلا يجب فيها أن يكون المراد من اللفظ لازم معناه المستعمل فيه، بل يكفى فيها الانتقال من المعنى الأصلى الموضوع له أولا، وإن لم يكن اللفظ مستعملا فيه إلى لازمه، وبهذا الجواب سقط قول الشيخ يس.

بقى شىء وهو أن الكناية الانتقال من المعنى المستعمل فيه اللفظ للازمه بواسطة أو بوسائط، فإن كان المعنى الإضافى لازما للمعنى العلمى فلا تكلف فى معنى الكناية حتى يقال وهذا القدر كاف، وإن لم يكن لازما ولا انتقال فلا كناية أصلا، والظاهر أنه غير لازم، فإن الملابس للنار ليس لازما للشخص المعين من حيث هو شخص معين الذى هو مدلول العلم إلا أن يقال: إنه يفهم عند استعمال اللفظ فى المعنى العلمى المعنى الإضافى؛ لأنه يلتفت إلى المعانى الأصلية عند الاستعمال فى المعانى الحالية، ثم ينتقل عن المعنى الإضافى إلى لازمه، وهذا القدر كاف

(قوله: وقيل إلخ) حاصله أن الكناية على هذا القول فى قولك: أبو لهب فعل كذا بالنظر للوضع الثانوى وهو المعنى العلمى أن الكناية فيه مثل الكناية فى جاء حاتم، وبيان ذلك أن حاتما موضوع للذات المعينة الموصوفة بالكرم ويلزمها كونها جوادا، فإذا قلت فى شأن شخص كريم غير الشخص المسمى بحاتم: جاء حاتم، وأردت جاء جواد فقد استعملت اللفظ فى نفس لازم المعنى العلمى وهو جواد، وكذا أبو لهب معناه العلمى الذات المعينة الكافرة، ويلزمها أن تكون جهنمية، فإذا قلت فى شأن كافر غير أبى لهب جاء أبو لهب وأردت

<<  <  ج: ص:  >  >>