للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أو تنبيه المخاطب على الخطأ، نحو: إن الذين ترونهم) أى: تظنونهم (إخوانكم ... يشفى ...

===

من العظم غاية لا تدرك ولا تفى العبارة ببيانها، والعظم من حيث الكم لكثرة الماء المجتمع، وتضمنه أنواعا من العذاب، ومن حيث الكيفية لسرعته فى الغشيان؛ لأن الماء المجتمع بالقسر إذا أرسل على طبعه كان فى غاية السرعة ولإحاطته بجميعهم بحيث لا يتخلص واحد منهم، إن قلت: يشترط فى صلة الموصول أن تكون معهودة للمخاطب كما ذكره النحاة لأجل أن يتعرف باعتبارها، وحينئذ فلا يتأتى أن تكون مبهمة؛ لأن الإبهام ينافى ذلك. قلت: ذلك الاشتراط بالنظر لأصل الوضع، وقد يعدل عن ذلك الأصل إلى الإبهام لأجل تلك النكتة أى: تعظيم المسند إليه وتهويله- كذا قيل، وفيه أن الذى ذكره النحاة أن الصلة يشترط فيها أن تكون معهودة إلا فى مقام التعظيم والتهويل، ويمثلون بهذه الآية، وحينئذ فلا اعتراض.

(قوله: على الخطأ) فى بعض النسخ على خطأ أى: سواء كان خطأ المخاطب أو خطأ غيره، ومثال الثانى أن الذى يظنه زيد أخاه يفرح لحزنه

(قوله: ترونهم) (١) هو بضم التاء رواية ودراية أما الأول فظاهر، وأما الثانى فلما اشتهر عندهم من استعمال الإراءة بمعنى الظن بصورة المبنى للمجهول، وإن كان المعنى على البناء للفاعل فعلى هذا الواو فاعل والهاء مفعول أول، وإخوانكم مفعول ثان، وأما فتحها على أن ترى بمعنى:

تبصر- فلا يصح، إذ ليس الإبصار مرادا هنا نعم يصح الفتح نظرا للدراية على جعل الرؤية قلبية بمعنى الاعتقاد، لكن الرواية تخالفه- كذا قرر بعض الأفاضل، وقرر شيخنا العلامة العدوى: أن رأى هنا من الإراءة التى تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل فهو مبنى للمجهول حقيقة، وإن الواو نائب فاعل، والهاء مفعول ثان وإخوانكم مفعول ثالث،


(١) يريد قول الشاعر:
إن الذين ترونهم إخوانكم ... يشفى غليل صدورهم أن تصرعوا
والبيت كما يأتى بين قول المصنف أنه لعبدة بن الطيب وهو من الكامل.
وانظر التبيان (١/ ١٥٦)، والمفضليات (١٤٧)، وشرح عقود الجمان ص ٦٧، وأسرار البلاغة ٢٧٥ بتحقيق د/ عبد الحميد هنداوى.

<<  <  ج: ص:  >  >>