للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذى هو الحكم على المسند إليه المذكور المعبر عنه بشىء يوجب تصوره على أى وجه كان.

(أو تحقيره) أى: تحقير المسند إليه (بالقرب، نحو: أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ،

===

عليه بأن فى قولك: إن زيدا قائم، فإنه زائد على المعنى الوضعى للتركيب أعنى ثبوت القيام لزيد، (وقوله الذى هو الحكم) صفة للمراد، (وقوله المعبر عنه) أى: عن المسند إليه أى:

الذى يمكن أن يعبر عنه، (وقوله بشىء) أى: بطريق من الطرق التى توجب تصوره على أى وجه كان، وهى الموصول والعلم والإشارة، وقوله على أى وجه كان أى سواء أفادت حاله من قرب أو بعد أو لا، والحاصل أن المسند إليه يمكن أن يعبر عنه بالموصول والعلم، لكن البليغ يعدل عنهما لاسم الإشارة لبيان حاله وهذا الحال زائد على أصل المراد واعترض بأن بيان الحال من ثمرة اللغة؛ لأنه إذا علم أن هذا موضوع للقريب علم أنه إذا قصد قرب المشار إليه يؤتى به وهكذا، وأجيب بأن معرفة أنه إذا قصد إلخ من علم المعانى مما يقصد فيه بالذات، وأما معرفة ذلك من اللغة فبالتبع، فالأمور اللغوية قد يتعلق بها غرض البليغ إذا لم يكن المقام مقتضيا لأزيد منها فيبحث عنها أهل اللغة من حيث الوضع، وأهل المعانى يبحثون عنها من حيث إنها مطابقة لمقتضى الحال فهما مختلفان بهذا الاعتبار.

(قوله: أو تحقيره بالقرب) أى أنه يؤتى بالمسند إليه اسم إشارة قصدا لتحقير معناه، بسبب دلالته على القرب، ووجه ذلك أن القرب من لوازمه الحقارة يقال: هذا أمر قريب أى: هين سهل التناول، وما كان كذلك يلزمه أن يكون حقيرا لا يعتنى به لكونه مبتذلا، فإذا عبر باسم الإشارة الدال على القرب أفاد الاحتقار اللازم للقرب.

وفى سم: القرب هنا عبارة عن دنو المرتبة وسفالة الدرجة ووجهه أن الشخص كلما كان أعلى قدرا وأشرف درجة احتاج الوصول إليه إلى الوسائط أكثر وأشد عرفا وعادة، فارتفاع الوسائط والاستغناء عنها دليل ظاهر على دنو قدره كما لا يخفى

(قوله: أهذا الذي) قاله أبو جهل مشيرا للنبى- صلّى الله عليه وسلّم-، وأول الآية وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي (١) إلخ أى: قائلين أهذا


(١) الأنبياء: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>