للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولفظ: ذلك- صالح للإشارة إلى كل غائب؛ عينا كان أو معنى، وكثيرا ما يذكر المعنى الحاضر المتقدم بلفظ ذلك؛ ...

===

(قوله: ولفظ ذلك إلخ) قصد الشارح بهذا مجرد إفادة فائدة، وحاصلها أن لفظ ذلك قد يشار به للغائب عن حاسة البصر مطلقا، سواء كان ذاتا أو معنى وللحاضر الغير المحسوس، وهذا الاستعمال مجاز؛ لأنها موضوعة للبعيد المحسوس بحاسة البصر لا للغائب عن الحس المذكور ولا للحاضر غير المحسوس.

(قوله: إلى كل غائب) أى: عن حس البصر وهذا الصلوح مجاز كما عرفت؛ لأن أسماء الإشارة مطلقا وضعت لأن يشار بها إلى المحسوس المشاهد فخرج بالمحسوس المعقولات وبالمشاهد- وهو ما أدرك بالبصر- ما أدرك بغير البصر من باقى الحواس، فإذا قلت: سمعت هذا الصوت أو شممت هذا الريح أو ذقت هذا الطعم كان مجازا- كما يفيده كلام عبد الحكيم.

(قوله: عينا) المراد به الذات سواء كانت تلك الذات الغائبة عن الحس مما يستحيل إحساسها نحو: ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ* (١) أو كانت محسوسة، لكن غير مشاهدة نحو تِلْكَ الْجَنَّةُ (٢) وكما فى قولك: جاءنى رجل، فقال لى ذلك الرجل كذا- تحكى أمره بعد غيبته-

(قوله: أو معنى) المراد به ما ليس بذات أى: ما قام بغيره فيصدق باللفظ كقولك: قال لى إنسان كذا فسرنى ذلك القول، وضرب زيد عمرا فسرنى ذلك الضرب، فإن القول والضرب معنى غائب، وقد استعمل فيه ذلك مجازا

(قوله: وكثيرا إلخ) قصده بهذا بيان ما فى الآية السابقة

(قوله: وكثيرا إلخ) كقوله تعالى، كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ (٣)، فإن ذلك إشارة إلى ضرب المثل الحاضر المتقدم ذكره قريبا فى قوله: ذلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ (٤) إلخ، وكما فى قولك بالله الطالب الغالب، وذلك قسم عظيم لأفعلن، ومنه ذلِكَ الْكِتابُ (٥) لما تقدم أن المراد بالمعنى ما يشمل اللفظ، والمراد بالحاضر ما يعده العرف حاضرا كالقسم المذكور، فإن


(١) الزمر: ٦، وفاطر: ١٣.
(٢) مريم: ٦٣.
(٣) محمد: ٣.
(٤) محمد: ٣.
(٥) البقرة: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>