(وقد يفيد) المعرف باللام المشار بها إلى الحقيقة (الاستغراق؛ نحو: إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (١)) أشير باللام إلى الحقيقة، لكن لم يقصد بها الماهية من حيث هى هى، ولا من حيث تحققها فى ضمن بعض الأفراد، بل فى ضمن الجميع،
===
فأمضى ولا التفت إليه ولا أشتغل بملامه، وأعرض عنه صونا لماء الوجه، ثم أقول لجماعة الخلان إنه لا يعنينى، وثم حرف عطف إذا لحقتها علامة التأنيث اختصت بعطف الجمل، وقوله: لا يعنينى أى: لا يريدنى، بل يريد غيرى من عناه إذا قصده، ويحتمل أن المراد لا يهمنى الاشتغال به والانتقام منه، من عنانى الأمر إذا أهمنى، والشاهد فى قوله: يسبنى، فإن الجملة صفة للئيم؛ لأن الشاعر لم يرد لئيما معينا، إذ ليس فيه إظهار ملكة الحلم المقصودة بالتمدح بها، ولا الماهية من حيث هى بقرينة المرور، ولا الاستغراق لعدم تأتى المرور على كل لئيم من اللئام، بل الجنس فى ضمن فرد مبهم فهو كالنكرة، فلذا جعلت الجملة صفة لا حالا، قال ابن يعقوب: ولم تجعل تلك الجملة حالا؛ لأن الغرض أن اللئيم دأبه السب ومع ذلك تحمله القائل وأعرض عنه، وليس الغرض تقييد السب بوقت المرور فقط كما هو مقتضى الحالية لإشعارها بالتحول فى أصلها- كذا قيل.
لكن المناسب لقوله: ثمت قلت لا يعنينى كونها حالية؛ لأن المتبادر من قوله:
قلت لا يعنينى أنه قال ذلك فى حال سماع حال المرور، لا أنه قاله فيمن دأبه السبّ ولو فى غير حال المرور. انتهى.
(قوله: وقد يفيد الاستغراق) أى: لجميع الأفراد وهذا هو القسم الثالث من أقسام لام الحقيقة، ثم إن ظاهر المصنف أن المعرف بلام الحقيقة موضوع لأمرين: الحقيقة وجميع الأفراد، وأنه يفيدهما لاطلاقه عليهما، وليس كذلك، بل هو موضوع للحقيقة المتحدة فى الذهن فقط، وإفادتها للاستغراق إنما هى من حيث تحقق الحقيقة فى جميع الأفراد، وأجاب الشارح عن نظير هذا فيما سبق، وحاصل الجواب عن ذلك أن يقال:
إن المراد أن المعرف باللام الموضوع للحقيقة المتحدة فى الذهن قد يطلق على جميع الأفراد