للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع أنه ليس اسما مختصا بها، وقد يجىء عطف البيان لغير الإيضاح، كما فى قوله تعالى:

جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ (١) ذكر صاحب الكشاف أن البيت الحرام عطف بيان للكعبة؛ جىء به للمدح لا للإيضاح كما تجىء الصفة لذلك.

===

كان المسح حراما

(قوله: مع أنه ليس اسما مختصا بها) لأن العائذات صادق على الطير وغيره مما يعوذ بالحرم ويلتجئ إليه من سائر الوحوش، والطير صادق بالعائذ بالحرم وبغيره، ولكن قد حصل بمجموعهما البيان

(قوله: وقد يجىء عطف البيان لغير الإيضاح) أى: خلافا لظاهر المصنف وهذا اعتراض ثالث عليه

(قوله: للمدح) أى: لأن فيه إشعارا باعتبار الوضع التركيبى إلى كونه محرما فيه القتال والتعرض لمن التجأ إليه، وإن كان هنا مستعملا فى معناه العلمى، ولذا جعل المجموع عطف بيان فما قيل إنه يجوز أن يكون البيت نعتا موطئا للحرام كما جعل قرآنا حالا موطئة لعربيا من ضمير أنزلناه ليس بشىء كما أن جعله بدلا كذلك؛ لأنه على نية تكرير العامل، وليس المقصود تكرير نسبة الجعل إليه وليست النسبة إلى الثانى مقصودا أصليا- أفاده عبد الحكيم.

(قوله: لا للإيضاح) أى: لأن الكعبة اسم مختص ببيت الله لا يشاركه فيه شىء، فإن قلت: إن النحاة جعلوا عطف البيان بعد المعرفة للإيضاح قلت هذا بالنظر للغالب، أو يقال المراد بقوله لا للإيضاح يعنى التحقيقى، فلا ينافى أنه للإيضاح التقديرى، وحينئذ فلا ينافى جعل النحاة عطف البيان بعد المعرفة للإيضاح، ومما يدل لذلك ما ذكره العصام فى الأطول: من أن الإيضاح لازم لعطف البيان إلا أنه إما تحقيقى أو تقديرى، وذلك إذا كان المتبوع لا إبهام فيه نحو: أَلا بُعْداً لِعادٍ قَوْمِ هُودٍ (٢)، فقوم هود بيان لعاد مع كونه علما مختصا بهم لا إيهام فيه أتى به لدفع الإبهام التقديرى إما من تقدير اشتراك الاسم بينهم وبين غيرهم، وإما من جواز إطلاق اسمهم على غيرهم لمشاركتهم إياه فيما اشتهروا به من العتو والفساد، فإن قلت جعل عاد علما على قوم هود مختصا بهم ينافيه قوله تعالى وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٣) فإنه يفيد


(١) المائدة: ٩٧.
(٢) هود: ٦٠.
(٣) النجم: ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>