للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أو التشكيك للسامع) أى: إيقاعه فى الشك (نحو: جاءنى زيد أو عمرو، أو للإبهام نحو: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١) ...

===

الحكم تغيير المحكوم به من حيث نسبته، ولا شك أنه هنا نسب المجىء إلى الأول نفيا، ثم صرف أى غير بأن نسب إلى الثانى إثباتا، وجعل الأول فى حكم المسكوت عنه

(قوله: أو التشكيك للسامع) أى: وإن كان المتكلم غير شاك

(قوله: أى: إيقاعه فى الشك) أى: فى أصل الحكم

(قوله: جاءنى زيد أو عمرو) هذا المثال صالح للشك والتشكيك؛ لأن المتكلم إن كان غير عالم بالجائى منهما فالعطف للشك وإن كان عالما بعينه، ولكن قصد إيقاع المخاطب فى الشك فى الجائى منهما كان العطف للتشكيك

(قوله: أو للإبهام) هو إخفاء الحكم عن السامع لغرض كقطع اللجاج والفرق بينه وبين التشكيك أن القصد من الثانى إيقاع المخاطب فى الشك، وإيقاع الشبهة فى قلبه والقصد من الأول: إخفاء الحكم عن السامع وترك التعيين له من غير قصد إلى إيقاعه فى الشك، وإن كان ذلك يحصل له إلا أنه غير مقصود، وفرق بين الحاصل المقصود، والحاصل من غير قصد.

والحاصل أن أو موضوعة لأحد الأمرين، أو الأمور والداعى لإيرادها إما شك المتكلم فى الحكم أو تشكيكه للسامع أى: إيقاعه فى الشك أو إخفاء الحكم على السامع من غير قصد لإيقاعه فى الشك إلخ

(قوله: وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ) إن حرف توكيد واسمها مدغم فيها، وقوله أو إياكم عطف على اسم إن الذى هو مسند إليه فهو محل الشاهد، وقوله أو فى ضلال مبين عطف على هدى من عطف المفردات فقد اشتمل الكلام على إبهام فى المسند إليهما والمسندين معا فكأنه قيل أحدنا ثابت له أحد الأمرين الهدى أو الضلال، وهاهنا بحث: وهو أن السكاكى جعل هذه الآية من قبيل إسماع المخاطبين الحق على وجه لا يثير غضبهم وهو أن يترك تخصيص طائفة بالهدى وطائفة أخرى بالضلال لينظروا فى أنفسهم فيؤديهم النظر الصحيح إلى أن يعترفوا أنهم هم الكائنون فى الضلال المبين، فالمناسب أن يمثل بهذه الآية للتشكيك لا للإبهام؛ لأن الموصوف


(١) سبأ: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>