والحق أن هذا الحكم أكثرى لا كلى بدليل قوله تعالى: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ، وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ، وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (وإلا) أى: وإن لم تكن داخلة فى حيز النفى بأن قدمت على النفى لفظا، ...
===
المخالفة مثلا: ما جاء القوم كلهم منطوقه نفى المجىء عن الكل فيفهم منه ثبوت مجىء البعض بطريق مفهوم المخالفة
(قوله: والحق أن هذا الحكم) أعنى: توجه النفى للشمول وثبوت الفعل أو الوصف للبعض عند وقوع كل فى حيز النفى
(قوله: لا كلى) أى:
لأنه قد يتوجه النفى عند وقوع كل فى حيزه إلى الفعل ويكون القصد نفيه عن كل فرد بدليل إلخ، وقد يقال إن كلام الشيخ عبد القاهر مبنى على أصل الوضع، وإفادة هذه الآيات لشمول النفى ليس من أصل الوضع، وإنما هو بواسطة القرائن والأدلة الخارجية وهى تحريم الاختيال وتحريم الكفر وتحريم إطاعة الخلاف المهين، فالآيات مصروفة عن الظاهر بهذه الأدلة الخارجية؛ لأن محل العمل بمفهوم المخالفة ما لم يعارضه معارض، حتى إنه لو لم يلاحظ الدليل كان مفادها سلب العموم، على أنه قد يقال: إن هذه الآيات لا دلالة فيها على أن وقوع كل فى حيز النفى قد يفيد نفى الفعل عن كل فرد لجواز أن يعتبر فيها دخول كل بعد النفى لا قبله فيكون قيدا فى النفى لا فى المنفى فيكون من شمول النفى؛ لأن القيد إذا لوحظ بعد المنفى كان قيدا فيه لا فى المنفى فيكون النفى نفيا مقيدا لا نفى قيد- فتأمل. اهـ سم.
(قوله: كل مختال) أى: متكبر معجب، وقوله: فخور أى: كثير الفخر على الناس بغير حق
(قوله: كل كفار) أى: جاحد بتحريم الزنا، وقوله: أثيم أى: كثير الإثم.
كذا فى الفنرى.
(قوله: كل حلاف) أى: كثير الحلف فى الحق والباطل، وقوله: مهين أى: قليل الرأى والتمييز، أو حقير عند الناس لأجل كذبه- كذا فى الفنرى.
وأورد الشارح هذه الآية وإن لم تكن من قبيل النفى الذى الكلام فيه إشارة إلى أن النهى كالنفى فى الحكم السابق
(قوله: بأن قدمت على النفى إلخ) فيه إشارة إلى أن النفى المستفاد من لفظه، وإلا متوجه إلى القيد أعنى: الدخول فى حيز النفى فيفيد