للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برفع كله على معنى: لم أصنع شيئا مما تدعيه على من الذنوب؛ ولإفادة هذا المعنى عدل عن النصب المستغنى عن الإضمار إلى الرفع المفتقر إليه؛ أى:

لم أصنعه.

===

الله عليه وسلم- مراده نفى كل واحد من الأمرين فلو كان ليس مراد النبى نفى كل فرد لم يصح أن يكون قول ذى اليدين، بل بعض ذلك قد كان ردا له، وما يقال إنه يمكن أن مراد النبى النفى عن المجموع، ونفى المجموع صادق بنفى كل واحد وبنفى أحد الأمرين مع ثبوت الآخر وأن ذا اليدين قد أخطأ فى فهمه مراد النبى- صلّى الله عليه وسلم- ففهم أنه أراد نفى كل فرد، فلذا قال: بعض ذلك قد كان الدال عليه أنه- عليه السّلام- أراد نفى كل فرد فهو بعيد غاية البعد.

(قوله: برفع كله) أى: على أنه مبتدأ خبره جملة لم أصنع، والرابط محذوف لا يقال: إن فى الرفع تهيئة العامل للعمل، ثم قطعه، وقد صرح فى المغنى وغيره بمنع زيد ضربت؛ لذلك لأن نقول المسألة ذات خلاف فقد نقل الشارح فى مطوله عن سيبويه أن قول الشاعر: (ثلاث كلهنّ قتلت عمدا) (١) برفع كلهن يدل على جواز التركيب المذكور- أفاده الفنرى.

(قوله: من الذنوب) أشار بذلك إلى أن ذنبا نكرة عامة بقرينة المقام وإن كانت واقعة فى سياق الإثبات، أو أن ذنبا اسم جنس يقع على القليل والكثير، فهو هنا بمعنى ذنوب بقرينة المقام.

(قوله: ولإفادة هذا المعنى إلخ) علة لقوله عدل مقدمة عليه، وقد يرد بأن عدوله إلى الرفع لا يتعين أن يكون لإفادة عموم السلب، بل يجوز أن يكون عدوله إلى الرفع لعدم صحة نصب لفظ كل، إذ لو نصبها لكانت مفعولا وهو ممنوع؛ لأن لفظة كل إذا ضربت أضيفت إلى المضمر لم تستعمل فى كلامهم إلا تأكيدا أو مبتدأ ولا تقع فاعلا ولا مفعولا ولا مجرورة فلا يقال: جاءنى كلكم، ولا ضربت كلكم، ولا مررت بكلكم،


(١) بلا نسبة فى تخليص الشواهد ص ٢٨١ وتذكرة النحاة ص ٦٤١، وخزانة الأدب ١/ ٣٦٦ وهو صدر بيت عجزه:
فأخزى الله رابعة تعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>