للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا ترى أن قولهم: لولا لامتناع الثانى لوجود الأول؛ نحو: لولا علىّ لهلك عمر؛ معناه أن وجود علىّ سبب لعدم هلاك عمر لا أن وجوده دليل على أن عمر لم يهلك؛ ولهذا صح مثل قولنا: لو جئتنى لأكرمتك لكنك لم تجئ؛ أعنى عدم الإكرام بسبب عدم المجىء، قال الحماسى:

ولو طار ذو حافر قبلها ... لطارت ولكنّه لم يطر (١)

===

الأول علة فى العلم بانتفاء الثانى ودليل عليه، فاعترض عليهم بما مر

(قوله: ألا ترى إلخ) هذا تنظير لما قاله فى لو أتى به لتوضيح المقام

(قوله: لوجود الأول) أى: لأن لو للنفى فلما زيدت عليها لا النافية نفت النفى ونفى النفى إثبات

(قوله: أن وجود على سبب) أى: فى الخارج

(قوله: لا أن وجوده إلخ) أى: لأن عدم هلاك عمر معلوم للمخاطب كما أن وجود علىّ كذلك ولا يستدل بمعلوم على معلوم، إذ المعلوم لا يستدل عليه، والحاصل أن وجود علىّ لم يقصد إفادته للعلم بعدم هلاك عمر فإن المراد بيان السبب المانع من هلاكه

(قوله: ولهذا صح) أى: لكون معنى لو الدلالة على أن انتفاء الثانى فى الخارج إنما هو بسبب انتفاء الأول لا الاستدلال بامتناع الأول على امتناع الثانى كما فهم ابن الحاجب صح إلخ، إذ لو كانت للاستدلال لما صح ذلك القول لما فيه من استثناء نقيض المقدم وهو لا ينتج شيئا كما نص عليه علماء المنطق لجواز أن يكون اللازم أعم، فتعين أن يكون ذلك الاستثناء إشارة إلى علو انتفاء الجزاء

(قوله: قال الحماسى) بكسر السين نسبة للحماسة وهى فى الأصل الشجاعة، ثم سمى بها كتاب أبى تمام الذى جمع فيه أشعار البلغاء المتعلقة بالشجاعة، فإذا قيل بيت حماسى فمعناه:

منسوب للحماسة والشجاعة لتعلقه بها، وإذا قيل شاعر حماسى معناه: أن شعره مذكور فى ديوان الحماسة أى: الكتاب المذكور، وأتى بكلام الحماسى دليلا لقوله صح دفعا لتوهم أن هذا القول غير صحيح

(قوله: ولو طار إلخ) أى: فعدم طيران الفرس معلوم،


(١) البيت من المتقارب، وهو للحماسى فى شرح عقود الجمان/ ١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>