للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن المضارع مما يدل على الحال الحاضر الذى من شأنه أن يشاهد كأنه يستحضر بلفظ المضارع ...

===

بالتأويل، ثم نزل ذلك الماضى تأويلا منزلة الواقع الآن وعدل عن لفظ الماضى للفظ المضارع استحضارا للصورة العجيبة تفخيما لشأنها فهو حكاية للحال الماضية تأويلا، وإنما احتجنا فى حكاية الحال هنا لتنزيل الحالة المستقبلة منزلة الماضى ولم ننزلها منزلة الحاصلة الآن من أول الأمر؛ لأنه لم يثبت فى كلامه حكاية الحال المستقبلة والواقع فى استعمالهم إنما هو حكاية الحال الماضية كما فى قوله تعالى: وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ (١) فظهر لك من هذا أن قوله أو لاستحضار الصورة عطف على لصدوره، وقول الشارح عطف على تنزيله فيه شىء؛ لأنه يلزم على عطفه على النزيل عطف الخاص على العام؛ وذلك لأن التنزيل المذكور سابقا صادق بأن يكون معه استحضار للصورة أولا والعطف المذكور من خواص الواو ولا يجوز بأو، اللهم إلا أن يقال: إنه مشى على القول بالجواز

(قوله: لأن المضارع مما يدل على الحال) أى: على الشأن والأمر، وقوله الحاضر أى: الحاصل الذى شأنه أن يشاهد بخلاف الشىء الماضى والمستقبل، هذا وظاهر الشارح أن المعنى الاستقبالى نزل منزلة الحالة الحاصلة الآن لأجل استحضار تلك الصورة العجيبة، وعبر عنها بالمضارع لدلالته على الأمر الحاضر، وفيه نظر؛ لأن هذا يقتضى حكاية الحال المستقبلة وهو غير ثابت، وإنما الثابت حكاية الحال الماضية فلا بد من جعل ذلك من حكاية الحال الماضية تقديرا كما قلنا سابقا، هذا محصل ما فى الحواشى، وقرره شيخنا العلامة العدوى أيضا، وذكر المولى عبد الحكيم: أن استحضار الصورة غير حكاية الحال فإن إحضار الصورة من غير قصد إلى الحكاية والتنزيل وهما إنما يكونان لما وقع بالفعل وإحضار الصورة يكون فيما لم يقع، وحينئذ فلا ينافى هذا ما فى الرضى من أنه لم يثبت حكاية الحال المستقبلة كما ثبت حكاية الحال الماضية ا. هـ كلامه مع بعض زيادة وعليه فما ذكره الشارح من العطف والعناية ظاهر.


(١) الكهف: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>