للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمعنى مقصور على عدم الحصول فى خمور الجنة لا يتجاوزه إلى عدم الحصول فى خمور الدنيا؛ ...

===

فى خمور الدنيا إن اعتبرت النفى الذى هو لا فى جانب المسند إليه المؤخر أى: إن اعتبرته جزءا منه، وأما إن اعتبرت النفى فى جانب المسند المقدم أى: جزءا منه فالمعنى إلخ، والحاصل أن القضية موجبة معدولة الموضوع على الأول ومعدولة المحمول على الثانى وليست سالبة، واعترض اعتبار العدول فى الموضوع مع انفصال حرف السلب بأنه لو جاز لجاز كونه جزءا من المسند فى ما أنا قلت هذا فلا يتحقق فرق بينه وبين أنا ما قلت هذا، وقد تقدم أن الحق وجود الفرق بينهما وقد يجاب بأن الظرف يتوسع فيه أكثر من غيره، وحينئذ فلا يضر الفصل به بين حرف السلب والموضوع وإنما ارتكب هذا العدول فى القضية ولم تجعل سالبة محضة لئلا يرد أنه إذا كان تقديم المسند فى الآية للحصر كان معناها نفى حصر الغول فى خمور الجنة لا نفى الغول عنها؛ وذلك لأن النفى إذا أورد فى كلام فيه قيد أفاد نفى القيد فعلى هذا يفيد النفى نفى القصر المفاد بقيد التقديم لا ثبوته، وقد يقال: لا داعى لذلك؛ لأن النفى قد يتوجه إلى أصل الثبوت مع رجوع القيد إلى النفى كما تقدم فى قوله تعالى: وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١) فالنفى لأصل الظلم مقيدا ذلك النفى بالمبالغة فى تحققه، وليس النفى مسلطا على المبالغة فى الظلم وكما فى قوله تعالى: وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (٢) فهو لتأكيد نفى ثبوت الإيمان لا لنفى تأكيد الثبوت الذى كان أصلا فى الجملة الاسمية فعلى هذا يصح ألا يعتبر العدول فى الآية ويفيد الكلام النفى المقيد بالقصر لا نفى القصر- أفاده العلامة اليعقوبى.

(قوله: فالمعنى أن الغول مقصور على عدم الحصول فى خمور الجنة) أى: مقصور على الاتصاف بعدم حصوله فى خمور الجنة فهو من قصر الموصوف وهو الغول على الصفة التى هى عدم الحصول فى خمور الجنة

(قوله: لا يتجاوزه إلى عدم الحصول إلخ) أى: لا يتجاوزه إلى اتصافه بعدم حصوله فى خمور الدنيا أى: وإن تجاوزه إلى الاتصاف


(١) فصلت: ٤٦.
(٢) البقرة: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>