للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

===

الخلخالى فتوهم أن القصر فى قوله تعالى: لا فِيها (١) (غول) من قصر الصفة على الموصوف، والمعنى أن الكون فى خمور الجنة وصف مقصور على عدم الغول لا يتعداه إلى الغول، وهذا القصر إضافى لا حقيقى حتى يلزم أنه ليس لخمورها صفة إلا عدم الغول مع أن له صفات أخر كالسلامة والراحة، قال: وقد ورد ذلك القصر فى قول على- رضى الله عنه-:

رضينا قسمة الجبّار فينا ... لنا علم وللأعداء مال (٢)

فإنه قصر الصفة على الموصوف أى: أن الحال الذى لنا مقصور على العلم لا يتجاوزه للمال، والحال الذى للأعداء مقصور على المال لا يتجاوزه إلى العلم ويرد عليه أن الكلام مع من يعتقد أن الغول فى خمور الجنة كخمور الدنيا لا مع من يعتقد أن الاتصاف بعدم الحصول فى خمور الجنة محقق للغول ولغيره من الراحة والصحة أو لغيره فقط وبأن التقديم عندهم موضوع لقصر المسند إليه على المسند لا لقصر المسند على المسند إليه كما هو مقتضى كلام ذلك البعض، ولا يرد على هذا بيت علىّ فإن قصر المسند فيه على المسند إليه لم يستفد من تقديم المسند وإنما استفيد من معونة المقام والنزاع بين الشارح وغيره إنما هو فى أن القصر المسند على المسند إليه هل يستفاد من نفس التقديم بطريق الوضع أو من معونة المقام، والحق ما ذكره الشارح من أن قصر الصفة على الموصوف لا يستفاد من التقديم؛ لأن التقديم ليس موضوعا لذلك، وإنما يستفاد من معونة المقام، فإن أراد ذلك البعض أن التقديم فى الآية مفيد لذلك الحصر بمعونة المقام كان كلامه صحيحا، وإن أراد أنه مفيد لذلك وضعا كان غير صحيح، ثم إن قول الشارح: كما توهمه بعضهم ظاهره إن ذلك البعض توهم ذلك العكس فى جميع الأمثلة السابقة وليس كذلك، إذ هو لا يظهر فى قوله تعالى: إِنْ حِسابُهُمْ إِلَّا عَلى رَبِّي (٣) إذ لا يصح قصر الكون على ربى فى حسابهم.


(١) الصافات: ٤٧.
(٢) البيت من الوافر وهو فى ديوانه ص ٩٦.
(٣) الشعراء: ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>