للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نخصك بالعبادة والاستعانة) بمعنى: نجعلك من بين الموجودات مخصوصا بذلك؛ لا نعبد ولا نستعين غيرك (وفى: لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (١) معناه: إليه) تحشرون (لا إلى غيره؛ ويفيد) التقديم (فى الجميع) ...

===

أنه لرعاية الفاصلة أيضا

(قوله: نخصك بالعبادة) أى: نجعلك دون كل موجود مخصوصا بالعبادة والاستعانة على جميع المهمات، أو على أداء العبادة وهذا المعنى يفيد أن التقديم للاختصاص

(قوله: بمعنى إلخ) يشير إلى أن الباء داخلة على المقصور، وقوله بذلك أى:

المذكور من العبادة والاستعانة

(قوله: لا نعبد ولا نستعين غيرك) يشير إلى أن القصر فى هذه الآية قصر حقيقى خارج عن قصر القلب والأفراد والتعيين؛ لأنها أقسام للإضافى كما يأتى

(قوله: معناه إليه لا إلى غيره) أى: فالتقديم للاختصاص وإنما كان كلام الأئمة فى تفسير الآيتين دليلا على أن التقديم مفيد للاختصاص؛ لأنه لم يوجد فى الآيتين من آلات الحصر إلا التقديم، وقد قالوا معنى الآيتين كذا فلو كان الاختصاص من مجرد ما علم من خارج وإن التقديم لمجرد الاهتمام كما قيل لم يناسب أن يقال: إن معنى الآيتين كذا، بل يقال واستفيد مما تقرر من خارج أن لا عبادة وأن لا استعانة لغيره وأن لا حشر لغيره- أفاده اليعقوبى.

واعلم أن الاختصاص والقصر بمعنى واحد عند علماء المعانى؛ وذلك لأنهم نصوا على أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الاختصاص، وقابلوه بالاهتمام فدل على أنه غيره، وعدوا التقديم المذكور من طرق القصر وكون القصر لا يتأتى فى بعض المواضع مما لا ينكره القوم؛ لأنهم قالوا بإفادته ذلك غالبا، وأما قول ابن السبكى بالفرق بين القصر والتخصيص فمخالف لما عليه أهل المعانى، وحاصل الفرق الذى ذكره أن التخصيص قصد المتكلم إفادة السامع خصوص شىء من غير تعرض لغيره إثبات ولا نفى بسبب اعتناء المتكلم بذلك الشىء وتقديمه له فى كلامه، فإذا قلت ضربت زيدا فقد أخبرت بضرب عام وقع منك على شخص خاص، فصار ذلك الضرب المخبر به خاصّا لما انضم


(١) آل عمران: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>