للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولذا يقدر) المحذوف (فى بسم الله مؤخرا) أى: بسم الله أفعل؛ كذا ليفيد مع الاختصاص الاهتمام؛ لأن المشركين كانوا يبدءون بأسماء آلهتهم فيقولون: باسم اللات باسم العزى؛ فقصد الموحد تخصيص اسم الله بالابتداء للاهتمام والرد عليهم ...

===

لذلك البناء وبأن ذلك ورد فى كلام العرب والمعنى هم أشد مشغوفية ببيان الأهم ويصح أن يكون مصوغا من عنيت بكذا بفتح العين على صيغة المبنى للفاعل أى: أردته، والمعنى هم أشد إرادة ببيان الأهم وظهر من هذا أن عنى ورد فى كلامهم تارة مبنيا للمفعول وتارة مبنيا للفاعل فليس من الأفعال الملازمة للبناء للمفعول، واعلم أن الاهتمام له معنيان أحدهما كون المقدم مما يعتنى بشأنه لشرف وعزازة ور كنية مثلا فيقتضى ذلك تخصيصه بالتقديم وهذا المعنى هو المناسب بحسب الظاهر؛ لأن يقال: لأنهم يقدمون الذى شأنه أهم وهم ببيانه أعنى ونفس الاهتمام فى هذا هو الموجب للتقديم، ولا يدل تقديمه إلا على أن المتكلم له به الاعتناء المطلق والآخر كون المقدم فى تقديمه معنى لا يحصل عند التأخير، فإن المفعول مثلا إذا تعلق الغرض بتقديمه لإفادة الاختصاص فلم يتعلق الاهتمام بذاته، وإنما تعلق بتقديمه للغرض المفاد وليست الأهمية هنا هى الموجبة للتقديم، بل الحاجة إلى التقديم هى الموجبة للاهتمام بذلك التقديم، فالأهمية هنا معللة موجبة بفتح الجيم لا موجبة بالكسر والعلة هى الحاجة، والأهمية والتقديم متلازمان معللان بعلة الحاجة؛ لأن الحاجة إنما هى إلى التقديم واهتم به لكونه محتاجا إليه، وهذا المعنى يعم كل ما يجب فيه التقديم.

(قوله: ولهذا) أى: لأجل أن التقديم يفيد الاختصاص ويفيد مع ذلك الاهتمام

(قوله: يقدر المحذوف فى بسم الله مؤخرا) أى: إنه يقدر ما يتعلق به الجار والمجرور المحذوف مؤخرا، حيث كان ذلك مما له شرف وكان المقام يناسبه إرادة الاختصاص كما فى بسم الله، فإذا قدر مؤخرا أفاد الاختصاص والاهتمام معا والاهتمام هنا ظاهر؛ لأن الجلالة يهتم بها لشرف ذاتها

(قوله: لأن المشركين إلخ) علة للمعلل مع علته

(قوله: فقصد الموحد تخصيص اسم الله بالابتداء للاهتمام والرد عليهم) الأولى فقصد الموحد بالتقديم تخصيص اسم الله بالابتداء أى: قصر الابتداء عليه والاهتمام به للرد عليهم ليناسب ما قدمه؛ ولأنه أوفق بالواقع؛ وذلك لأن هؤلاء الأشقياء حيث كانوا يبدأون

<<  <  ج: ص:  >  >>