للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنها أول سورة نزلت فكان الأمر بالقراءة أهم باعتبار هذا العارض وإن كان ذكر الله أهم فى نفسه؛ هذا جواب جار الله العلامة فى الكشاف (وبأنه) أى:

بِاسْمِ رَبِّكَ ...

===

بذكر الله باسمه أمر ذاتى والاهتمام بالقراءة أمر عارض من حيث إن المقصود من الإنزال الحفظ المتوقف عليها فقدم الاهتمام بحسب العارض على الاهتمام الذاتى فمفاضلة القراءة على ذكر اسم الله بحسب العرض، ومفاضلة ذكر اسم الله على القراءة بحسب الذات، فاعتبرت المفاضلة التى سببها العروض، وفيه أن مقتضى هذا أن يكون ذكر الله مقدما؛ لأنه بالذات ويمكن أن يقال: إن المفاضلة التى موجبها العروض كالناسخة للتى موجبها أمر ذاتى لاقتضاء المقام إياها فعلم من هذا أن الأهمية الذاتية إنما تفيد التقديم إن لم يعارضها مناسبة المقام الذى هو مقتضى البلاغة التى هى أعظم ما وقع به إعجاز القرآن- كذا قرر شيخنا العلامة العدوى.

(قوله: لأنها أول سورة نزلت) وقيل: أول ما نزل سورة الفاتحة، وقيل أول ما نزل أول سورة المدثر، والتحقيق أن الخلاف لفظى؛ لأن أول سورة نزلت بتمامها سورة الفاتحة، وأول آية نزلت على الإطلاق اقرأ باسم ربك إلى قوله: عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (١) وأول آية نزلت بعد فترة الوحى أول المدثر، فمن قال: أول سورة نزلت الفاتحة مراده أول سورة نزلت بتمامها، ومن قال: أول ما نزل اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ مراده أول ما نزل على الإطلاق، ومن قال: أول ما نزل أول المدثر مراده أول ما نزل بعد فترة الوحى.

إذا علمت هذا فقول الشارح: لأنها أول سورة نزلت فيه مسامحة، والأولى أن يقول: أول آية نزلت من سورة

(قوله: فكان الأمر بالقراءة أهم) أى: فلذا قدم وقوله باعتبار هذا العارض وهو كونها أول ما نزل أى: والمقصود من الإنزال الحفظ وهو متوقف عليها

(قوله: وإن كان ذكر الله) أى: باسمه والواو للحال وإن وصلية، وقوله فى نفسه أى: باعتبار ذاته، واعترض هذا الجواب العلامة الحفيد قائلا: إن


(١) العلق: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>