للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لتضمنه معنى: ما وإلا) وأشار بلفظ التضمن ...

===

فائدة هذه التوطئة دفع توهم أن قول المصنف لتضمنه راجع لقوله وفى قصرها فقط دون ما قبله أيضا، وإنما تعرض المصنف لبيان سبب إفادة إنما القصر لمخالفة بعضهم فى ذلك حيث قال السبب فى إفادتها القصر تركبها من إن التى هى لتوكيد الإثبات وما التى لتوكيد النفى، ولا يجوز أن يتوجه الإثبات والنفى لما بعده لظهور التناقض فأحدهما راجع لما بعده والآخر لما عداه وكون ما راجعا لما بعده خلاف الإجماع فتعين أن الإثبات للمذكور والنفى لما سواه، فجاء القصر، ورد هذا التوجيه بأنه مبنى على مقدمتين فاسدتين؛ لأن إن لتأكيد النسبة إيجابا أو سلبا نحو: إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً (١) لا لتأكيد الإثبات فقط، وما كافة لا نافية، وبما علمت من الخلاف فى سبب إفادة إنما القصر اندفع ما يقال إن سبب إفادة التقديم الحصر ذلك التضمن الذى ذكره المصنف فهلا تعرض لبيان السبب كما تعرض لبيان السبب فى إنما، واعلم أن الموجب للحصر فى: إنما بالكسر موجود فى أنما بالفتح فمن قال سبب إفادة إنما الحصر تضمنها معنى ما وإلا قال بذلك فى أنما المفتوحة لوجود هذا السبب فيها، ومن قال: إن السبب اجتماع حرف توكيد قال به فى إنما أيضا لذلك، ومن هنا صح للزمخشرى دعواه أن أنما بالفتح تفيد الحصر كإنما، وقد اجتمعا فى قوله تعالى: قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ (٢) فالأولى لقصر الصفة على الموصوف والثانية بالعكس، وقول أبى حيان هذا شىء انفرد به الزمخشرى مردود بما ذكرنا، وقوله: إن دعوى الحصر هنا باطلة لاقتضائها أنه لم يوح إليه غير التوحيد مردود أيضا بأنه حصر إضافى أو أن خطاب النبى- صلّى الله عليه وسلّم- كان للمشركين، فالمعنى ما أوحى إلىّ فى أمر الربوبية إلا التوحيد لا الإشراك. اهـ فنرى.

(قوله: لتضمنه معنى ما وإلا) فى ذكر التضمن إشارة إلى أن ما فى إنما ليست هى النافية، وإلى أن إن ليست للإثبات على ما توهمه بعض الأصوليين لأن المناسب على


(١) يونس: ٤٤.
(٢) الأنبياء: ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>